شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أولادنا أكبادنا في الشوارع (1)
الأم مدرسة يتلقى الطفل على يدها دروس الحياة.. وبقدر ما تكون الأم واعية وحريصة ومتفانية في تعهد أولادها.. ينشأ هؤلاء الأولاد وفي دمائهم معاني الحياة وتفهم نظامها الدقيق.. والطفل كالمرآة تنعكس على صفحة حياته حقائق ما ينطبع في نفسه منذ طفولته من تقويم وتوجيه. والأم وحدها هي التي تغرس في الطفل الحب والحنان والشجاعة والإقدام. والتسامح والإنصاف والنظافة والطاعة. وبالطاعة وحدها يستطيع الطفل أن يواجه الحياة ويعطي الحقوق لله وللوالدين ثم للأسرة والمجتمع. كما أن في إهمال الأم لأولادها وانصرافها من بيتها وبالاً يجعل من الأطفال عناصر سيئة تكون على المجتمع.
والعصر الذي نعيشه اليوم هو عصر العلم والتمدن والتنافس ولقد أصبحت تربية الأولاد فيه مهمة شاقة تتطلب أماً واعية وأباً مكافحاً.. ولم تعد كثرة الإنجاب فرحة إذا لم تجد هذه البذور التربية الصالحة لضمان الثمرة اليانعة.. في رياض العلم فبالعلم وحده تسود الشعوب.. وويل للشعوب الجاهلة في عصر النور والمدنية.
وكثير من الأمهات في بلادنا يتركن أولادهن في الشوارع بغية التفرغ لشؤون المنزل.. وذلك أمر خطير. فالشوارع اليوم على كثرتها واتساعها تضيق عليها من حركة السير.. وتعرُّض الأولاد للسيارات وللحوادث أمر شديد الخطورة على حياتهم.. وإن كانت الشوارع خلفية فإنها لا تخلو من أخطار أخرى خلاف حوادث السيارات والدراجات النارية والعادية. والأمثلة بين أيدينا كثيرة.
فلقد حزَّ في نفسي وهز مشاعري حادث دهس لطفل كنت أرقب مشاكسته في الشارع لامرأة ترافقه فأفلت من يدها وهو يجهش بالبكاء وأخذ يجري يميناً وشمالاً وفي لحظة أو برهة لا يمكن تصورها أخذ يجري نحو السيارة وكانت قادمة من منحدر في هذا الشارع الرئيسي لم يلاحظ سائقها الطفل لصغر سنه فدهسته وفاضت روحه.. وهو كالوردة اليانعة.. وكان مشهداً أليماً ما زلت أسبح في مأساته كلما تذكرت هذه القصة التي بدأت وانتهت في دقائق معدودة.. ثم علمت أن والدته أرادت التخلص منه في البيت فدفعته مع أخته الكبرى التي خرجت لقضاء مصلحة إلى الشارع.. وكان الموت له بالمرصاد.
وحادثتان أخريان إحداهما في حي الشهداء بمكة.. الأم هي السبب في كل منهما حيث سقط صبي في بئر مفتوحة وحين شعر الناس بسقوطه أتت فرق الإنقاذ فوراً ولكن لغزارة الماء وعمق البئر أخذت عملية الإنقاذ وقتاً طويلاً فقد معه الناس الأمل في بقاء الصبي حياً.. وفعلاً أخرجوه جثة هامدة.
وفي محلة السبيل بجدة كان في الشارع "ثلاجة" كبيرة مهجورة وكان حولها صبية يلعبون.. فانزوى أحدهم داخل الثلاجة ويبلغ من العمر سبع سنوات وقفلها على نفسه في الوقت الذي لم يستطع فتحها من الداخل وتركه زملاؤه وهربوا خوفاً مما حدث. وبقي حتى افتقدته أمه وبعد البحث عثر عليه ميتاً بسبب الاختناق. أما الآباء فلديهم من مشاغل الحياة ما يجعلهم بعيدين في أكثر الأوقات عن منازلهم.
وفي كل يوم حوادث وحوادث.. سببها إهمال الأمهات وتركهن للأولاد في الشوارع من دون رقابة بغية التخلص منهم.. أو التفرغ لشؤون المنزل فمن يبلغهن عني أن الأولاد أمانة في أعناق الوالدين.. وإن الرعاية والحرص والتوجيه جميعاً من أهم وسائل التربية في عصر الآلة والكهرباء.. وإن العناية ليست محصورة في المأكل والمشرب واللباس.. وأننا في حاجة إلى أم تغذي بحنانها وعطفها ورقَّتها وحسن توجيهها جيلنا عتاد مستقبلنا.. كما تغذيه بلبانها. وصدق حافظ إبراهيم حين يقول:
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعباً طيب الأعراق
ولركن المرأة في الإذاعة ولبرنامج الأطفال أهدي هذه الفكرة أملاً في توجيه أمهات المستقبل وإرشادهن. سدد الله الخطى.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1035  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 314 من 414
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج