شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الثمرة المحرمة
بقلم: الأستاذ محمد سعيد العامودي
في يوم الأربعاء الموافق 6 جمادى الأولى سنة 1375، 20 ديسمبر سنة 1955 توفي إلى رحمة ربه الأديب الأستاذ محمد عمر عرب رئيس ديوان وزارة الصحة، وأحد الرائدين الأوائل المرموقين من روّاد الحركة الأدبية والفكرية في هذه البلاد.
ولقد كان الحزن عظيماً لفقده.. وتأثر لوفاته الجميع، وكان أول من أعرب عن هذا الحزن في تاثر بالغ ومزيد من العطف، وأشاد بما امتاز به هذا الفقيد الكريم من شخصية محبوبة وأخلاق رفيعة.. زميله ورئيسه السابق السيد إبراهيم السليمان رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء.
ونعاه كذلك في جريدة البلاد السعودية وزير الصحة الدكتور رشاد فرعون، مما دل على مكانته في نفوس رؤسائه وزملائه وعارفيه.
وقد ولد الفقيد في عام 1318هـ وكان في طليعة متخرجي مدرسة الفلاح المكية عام 1337هـ فاشتغل بالتدريس عاماً واحداً في مدرسة فلاح جدة ثم عاد منها حيث باشر أولى وظائفه الحكومية عام 1339هـ.
وظل يتدرج في مختلف الوظائف الهامة إلى أن أسند إليه في عام 1371هـ منصب رئيس ديوان وزارة الصحة. فعرفه الناس في هذا المنصب - كما عرفوه من قبل في جميع المناصب والوظائف - مثالاً رائعاً للموظف المثقف الكفء. والإداري المرن الواسع الأفق والرجل المهذب اللبق ذي الخلق المتزن الرصين!
وعرفوه هو هو.. لم تغيره الوظيفة أو المنصب في كثير أو قليل!
وما أكثر ما رأينا من أناس تغيروا جداً.. بمجرد أن وصلوا إلى أقل ما وصل إليه عمر عرب في مراحل حياته الوظيفية وما أتيح له فيها من مكانة وتقدير!
والحق أن كل من خالط محمد عمر عرب، أو اتصل به من قريب أو بعيد يعرف جيداً من هو هذا الأديب الإنسان، في جميع صفاته الحميدة.. في وداعته ولطفه وظرفه ونزاهته وإخلاصخ وتواضعه. إلى جانب روحه الأدبية الأصلية وشاعريته القوية المحلقة، وثقافته العميقة، وترفعه عن السفسطة والتهريج.
وبعد فإن محمد عمر عرب ذلك الأديب المطبوع، والرائد المرموق، والمربي والموجه، لا أنسى أني أحد من تتلمذ عليه في دروس خاصة عن الأدب الحديث في حصة إضافية كان قد تطوع لإلقائها لعدد معين من الطلاب بعد عصر كل يوم في مدرسة فلاح مكة بعد أن ترك التدريس في جدة، وكنا آنذاك في أواخر سنوات التحصيل.
ولا أنسى ما كانت تتسم به دروسه في تلك الحصة.. من طرافة وحيوية وجاذبية، ولا أبالغ إذا قلت إن دروسه تلك كان لها أعمق الأثر في إيقاظ أوليات الوعي الأدبي في نفوس أولئك الطلاب!
ولا أنسى أنه عن طريق تلك الدروس - وقد كان يخلو من مثلها البرنامج المدرسي بطبيعة الحال في ذلك العهد - قرأنا لأول مرة آثار شوقي وحافظ ومطران والمنفلوطي وفؤاد الخطيب.. وغيرهم من أعلام الأدب المعاصرين.
رحمك الله رحمة الأبرار أيها الصديق الوفي، والمربي العطوف والأديب الفذ!
وغفر لك وأثابك بقدر ما كنت تحسن وبقدر ما كنت تبذل من جهد صامت وإنتاج خصب.. سواء في ميدان التعليم والتوجيه، أو ميدان الأدب، أو ميدان عملك الحكومي. ولا نكران في أنك - يا أبا جميل - قد كنت في هذه الميادين مخلصاً حقيقياً لحكومتك وبلادك ومواطنيك!
محمد سعيد العامودي
 
طباعة

تعليق

 القراءات :944  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 27 من 37
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.