شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
التطورات التي سبقت نشوء الأدب (1)
كانت الحكومة العثمانية في آخر أمرها هي المهيمنة على الشعوب العربية جمعاء، بوصفها الحاكم المطلق الذي يسيطر على مرافق الحياة فيها من سياسية وقضائية وإدارية، فمن رجالها الولاة والقضاة والمديرون، وكانت في آخر أمرها لا تترك مجالاً لأهل البلاد لإبراز شخصيتهم، والمطالبة بحقوقهم فظلت البلاد سادرة في جهالتها، غارقة في عمايتها فلا مدارس لتثقيف النشء، ولا معاهد لتعليم أبناء البلاد ما يعود عليهم بالنفع والخير، وحاولت إلغاء تدريس اللغة العربية من مدارسها، وأخذت بشتى الوسائل،تنال من الأمة العربية وتركز في الأذهان أنها عنصر منحل لا ثقافة له ولا علم ولا آداب. فلا غرو إذا كانت هذه السياسة التي انتهجها رجال الحكم العثمانيين، أو رجال الاتحاد والترقي بالدقة هي التي أثارت بعض رجال العرب المفكرين، فناهضوا هذه الفكرة، ورفعوا أصواتهم ضدها، ولكن أنى لنفر ضعيف فقير في كل شيء قليل الحول والطول أن يقاوم ويصاول حكومة عظيمة السلطان راسخة الأركان؟ فصبر الشعب العربي على مضض، وانتظر يأمل ويأمل.
* * *
وقدر الله أن يثور بركان الحرب العالمية الأولى في عام 1332هـ. الموافق عام 1914م، وأن تشترك تركيا فيها وأن تجِّند فيمن جنَّدت بعض أبناء الشعوب العربية، وأن تقدمهم وقوداً لهذه الأتون المستعر فثار بعض المفكرين لزجِّ هؤلاء في غمار حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، فاستعملت معهم أنواع القسوة، وكان من نتيجة ذلك النهضة العربية في عام 1334هـ الموافق عام 1916م، وكان من آثار هذه النهضة أن تدفق بعض رجالات البلاد العربية إلى الحجاز ليقدموا خدماتهم لأمتهم نذكر منهم الشاعر الكبير الأستاذ فؤاد الخطيب، والأديب الأستاذ السيد محب الدين الخطيب والعلامة الأستاذ الشيخ كامل القصاب، وغيرهم، وغيرهم.. فعيّن الأول وزيراً للخارجية وقام الثاني بتحرير جريدة (القبلة) وهي الجريدة الرسمية آنئذ، وقام الثالث بوضع برامج التعليم ونهج الدراسة بما يتمشى مع المناهج في البلاد العربية الأخرى، وبما يتفق مع مصلحة البلاد وحالتها. وكان الأستاذ فؤاد الخطيب يحبر المقالات الافتتاحية بجريدة القبلة بلغة رصينة تعتبر نموذجاً راقياً للأدب الحديث وكان الأستاذ محب الدين الخطيب يقوم بنصيبه في تسجيل نظرات وخطرات له في الأدب والاجتماع على صفحات هذه الجريدة، وكان لإدخال درس آداب اللغة العربية ضمن برنامج التعليم أثر كبير في توجيه النشء توجيهاً صحيحاً، ورأى هذا النشء لوناً جديداً من الكلام لا عهد له به، وتفتحت له آفاق واسعة من الأفكار والآراء ما كانت لتخطر بخواطره.
أجل كان في الحجاز نفر قليل من الشعراء والأدباء ولكنهم لم يكونوا في المكانة الممتازة، ولا في الطبقة الرفيعة بحيث إن ما يقدم لهم فيه غنىً للفكر ومتعة للروح والعقل، لذلك كان هذا النشء الحجازي يوالي قراءة كتب الأدب والصحف العربية التي تصل إلى يديه بلذة ونهم، ويكاد يلتهم ما فيها التهاماً، ويتابع الدروس والعلوم ويستوعب ما يطالعه ويفهمه فهماً جيداً حتى قوي واشتد ورسخت قدمه وأصبح شيئاً ذا قيمة.
كل هذه العوامل أو هذه التطورات هي التي سبقت نشوء الأدب الحالي في الحجاز.
ثم كان العهد السعودي الحاضر الذي ازدهر فيه الأدب وأصبح مجال العلم والثقافة واسعاً بعد أن كان ضيقاً، وذلك بفضل رعاية العاهل السعودي لمعاهد العلم وعنايته بشؤون التربية والتعليم..
وإنه ليحدونا الأمل العظيم بأن هذا الطريق الذي درج عليه الأديب الحجازي وترسّمه، ولا يزال يسير فيه بخطى جبارة سوف يصل به إلى المكانة اللائقة بين أبناء الضاد إن شاء الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :964  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 21 من 37
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الجمعية النسائية الخيرية الأولى بجدة

أول جمعية سجلت بوزارة الشئون الاجتماعية، ظلت تعمل لأكثر من نصف قرن في العمل الخيري التطوعي،في مجالات رعاية الطفولة والأمومة، والرعاية الصحية، وتأهيل المرأة وغيرها من أوجه الخير.