الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > > هرثمة بن أعين

هرثمة بن أعين

ـ هرثمةُ بن أعْين قائد عظيم من قواد العرب، لم نعرفه أيام كان مع الرشيد، وعرفناه أكثر حين كان أحد الرجال الأربعة الذين شادوا للمأمون سلطانه. ذلك ما عرفناه يوم كنا تلامذة، وعرفناه أكثر يوم سأل المعتصم أحمد بن أبي دؤاد نابغة العرب في أيامه ونقمة الاعتزال في كل أحواله.. سأله المعتصم:

ـ ما بال أخي المأمون استعمل أربعة رجال فأثمروا واستعملت أربعة فلم يثمروا؟!

فأجابه ابن أبي دؤاد:

ـ إن عفوت أجبت..

قال:

ـ أحب..

ـ قال:

ـ المأمون استعمل الأصول فأفرعت، واستعملت الفروع فلم تثمر. وكان أحد هؤلاء الرجال الأربعة الذين أثمروا للمأمون هو هرثمة بن أعين.

ودعاني إلى أن أضع التمر على الجمر ما سمعته في برنامج ((الحرس الوطني)) الإذاعي يوم الأربعاء الماضي، لم يذكروا اسمه ((هرثمة بن أعين)) وإنما ذكروا الهرثمي: وأتحفونا بكلمات مجنحة في حوار جرى بينه وبين المأمون عن القائد والقيادة وإدارة الحرب، فأحببت أن أذكر اسمه وخلاصة من ترجمته، وأحببت أكثر أن أضع التاريخ حينما تكون نهاية الرجال العظام مهانة بوشاية الوشاة وسماع الولاة:

إن هرثمة بن أعين هو:

أمير، من القادة الشجعان. له عناية بالعمران. بنى في ((أرمينية)) و ((إفريقية)) وغيرهما. ولاه ((الرشيد)) مصر (سنة 178هـ) ثم وجهه إلى/إفريقية لإخضاع عصاتها، فدخل ((القيروان)) سنة 179 ولقي من أهلها ما يحب فأحسن معاملتهم. وتقدم في جيش كثيف إلى ((تيهرت)) فقاتله ابن الجارود، وظفر هرثمة. وأطاعته قبائل البربر، فعاد إلى القيروان وبنى فيها القصر المعروف بالمنستير (على يد زكريا ابن قادم) وبنى سور طرابلس الغرب. واستمر والياً على أفريقية سنتين ونصفاً. وطلب من الرشيد أن يعفيه. فنقله (سنة 181) وعقد له خراسان، فأقام فيها. وولاه غزو الصائفة (سنة 191) ثم ولاه ما كان لابن ماهان (علي بن عيسى) فانتقل إلى مرو (سنة 192) ولما بدأت الفتنة بين الأمين والمأمون، انحاز إلى المأمون، فقاد جيوشه وأخلص له الخدمة حتى سكنت الفتنة بمقتل الأمين، وانتظمت الدولة للمأمون، فنقم عليه أمراً، قيل: اتهمه بممالأة إبراهيم بن المهدي أو بالتراخي في قتال الطالبيين وأبي السرايا. فدعاه إليه وشتمه وضربه وحبسه وكان الفضل بن سهل (الوزير) يبغضه. فدس إليه من قتله في الحبس سراً، بمرو.

وزيادة في الإِيضاح فهذا هو معنى كلمة ((هرثمة)) كما جاء في ((لسان العرب)):

الهرثمة مقدم الأنف، وهي أيضاً الوترة التي بين منخري الكلب. وهرثمة، من أسماء الأسد. وفي الصحاح، الهرثمة الأسد، وبه سمي الرجل هرثمة.