شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة - 2 -
الجميع: لبيك اللَّهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك..
الرشيد: أراكم لبيتم جميعاً معي..
يحيى: بلى يا مولاي إنها أمنية كل واحد منا أن يكون له شرف الحج إلى بيت الله العتيق في ركاب - أمير المؤمنين..
جعفر: ولكن أمير المؤمنين لم يقطع بعد برأي في موضوع قادة الصوائف..
الرشيد: أرى أن رأي والدك مصيب يا جعفر..
يحيى: شكراً لأمور المؤمنين على تصويبه لرأي.. وليسمح لي بأن أتجرأ فاسأله من سيكون قائداً الصائفة هذا العام طالما أن مولاي عازم على الحج بإذن الله..
الرشيد: أشيروا عليّ..
جعفر: مولاي أعرف برجاله وقواده منا.. أليس كذلك يا والدي..؟
يحيى: بلى.. بلى..
الرشيد: أرى أن نسيّر عبد الملك بن صالح في صائفة هذا العام..
الجميع: نِعْمَ القائد..
يحيى: لقد أحسن أمير المؤمنين الاختيار..
الرشيد: ما دمت استحسنته يا أبي ومؤدبي فاكتب له العهد بالولاية وخذ في أسباب تجهيزه وليحرص على الكتمان فللروم عيون وأرصاد..
يحيى: بالأمر يا أمير المؤمنين.. هل لدى مولاي أوامر أخرى؟
الرشيد: لا…
يحيى: إذن أذهب لتنفيذ الأوامر..!!
الرشيد: ولا تنس أن تأخذ معك حازم بن خزيمة..
يحيى: هيّا يا حازم..
الرشيد: كن حازماً مع العامل يا حازم..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت زبيدة تقول..).
زبيدة: عاتكة إليّ يا عاتكة..
عاتكة: مولاتي..
زبيدة: أين كنت هذا الصباح؟
عاتكة: كنت في زيارة لأم جعفر البرمكي..
زبيدة: كيف وجدتها..؟
عاتكة: إنها تأمر وتنهي وتحكم وتعزل وتولي وكأنها يحيى البرمكي..
زبيدة: ليس ذلك بجديد ولا بمستغرب على أم جعفر منذ تولي زوجها الوزارة وسلمه الرشيد مقاليد الأمور..
عاتكة: بلى.. صدقت يا مولاتي.. ولقد زادت حظوتها عند أمير المؤمنين بعدما أهدت له الإماء العشرة..
زبيدة: وعلى رأس أولئك العشرة.. مراجل أم عبدِ الله وماردة أم محمد، ونادر أم صالح..
عاتكة: لا تخشى يا سيدتي فقد ابتليت أم جعفر بدنانير المغنية التي أخذت بلب العجوز المتصابي يحيى..
زبيدة: ولكنهم يمتدحون دنانير يا عاتكة..
عاتكة: أجل يا سيدتي.. إنها من أحسن الناس وجهاً، وأظرفهم وأكملهم أدباً، وأكثرهم رواية للغناء والشعر.
زبيدة: إذن لا عجب أن يشتد إعجاب الرشيد بها..
عاتكة: إعجاب مولاي الرشيد ينحصر في أدبها، وروايتها للشعر، والنوادر والفكاهات..
زبيدة: الإعجاب إلى هذا الحد فقط لا غير يا عاتكة..؟ إن إخلاصك لمولاك الرشيد يدفعك إلى الحرص على كتمان أخباره عني..
عاتكة: أن من يصلي كل يوم مائة ركعة.. ويتصدق بألف ألف درهم يومياً من ماله الخاص ويرسل ثلاثمائة رجل للحج على نفقته إذا لم يسر إليه هو فوق مستوى الشبهات..
زبيدة: لقد كان عبد الرحمن الملقب بالقس بمنزلة عطاء بن أبي رباح في التقى والصلاح وقد شغف بسلامة الزرقاء التي أصبحت بعد أن اشتهر حبه لها تدعى سلامة القس..
عاتكة: حاشا لمولاي الرشيد أن يتدله بحب دنانير كما تدله عبد الرحمن القس بحب سلامة فالإعجاب شيء والوله شيء آخر.. ثم..
زبيدة: ثم ماذا..؟
عاتكة: كان عبد الرحمن القس بالرغم من ولعه بسلامة عفّاً في حبه لها وعلاقته معها، حتى أنه كما تعلم سيدتي شفي من حبه وعاد إلى طريقه التي كان عليها..
زبيدة: حقاً ما كنت أظنك بهذا الإخلاص لمولاك الرشيد..
عاتكة: ولكنني قلت الحق يا مولاتي والله على ما أقول شهيد..
زبيدة: وماذا عند أم جعفر البرمكي من أخبار؟
عاتكة: سمعتها تتحدث عن عزم أمير المؤمنين الحج إلى بيت الله الحرام في هذا العام..
زبيدة: الحج في هذا العام..؟
عاتكة: بلى.. أمير المؤمنين هارون الرشيد سيحج في هذا العام..
زبيدة: هل ستحج هي مع زوجها يحيى بن خالد؟
عاتكة: لا.. لأن صحتها معتلة..
زبيدة: كيف عرفت؟
عاتكة: سألتها إحدى النسوة هل ستحج هي مع زوجها فأجابتها بالنفي معتذرة باعتلال صحتها..
زبيدة: إنها بشرى يا عاتكة.. لقد كنت أحسب أنها ستحج مع زوجها هذا العام..
عاتكة: ولكن الله سلّم..
زبيدة: وما هو موقفها بالنسبة لعلاقة زوجها بدنانير المغنية؟
عاتكة: لقد استمرأت هذه العلاقة ووطنت نفسها على قبول الأمر الواقع.. لأنها وجدت من الصعوبة بمكان - مقاومة شعور زوجها نحو هذه المغنية..
زبيدة: إنها سيدة عاقلة تستحق التقدير والإعجاب.. ولكن..
عاتكة: ولكن ماذا يا سيدتي؟
زبيدة: ما هو موقفها من زواج ابنها جعفر بالعباسة أخت الرشيد زواجاً اسمياً حتى يحل له الاجتماع بها في مجلس أخيها..
عاتكة: إنها سعيدة بهذا الزواج ولكن..
زبيدة: ولكن ماذا يا عاتكة؟
عاتكة: كانت تطمع أن يكون الزواج فعلياً لا زواجاً اسمياً لأن هذه المعاهدة من دون شك تشريف لأسرة البرامكة..
زبيدة: من يدري يا عاتكة ربما أصبح هذا الزواج واقعياً على مدى الأيام..
عاتكة: وهل يعقل أن يصاهر أبناء عم النبي محمد صلَّى الله عليه وسلم مواليهم من الفرس؟
زبيدة: أنا شخصياً يا عاتكة غير راضية عن هذا الزواج مهما يكن شكله وواقعه لأنّي أعرف أن لجعفر البرمكي سلطاناً كبيراً على النساء..
عاتكة: صدقت يا مولاتي فمغامرات جعفر البرمكي معروفة عند الخاصة والعامة.. ثم..
زبيدة: ثم ماذا يا عاتكة؟
عاتكة: يروى عنه صلَّى الله عليه وسلم أنه قال: ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما..
زبيدة: ولكن العباسة أخت الرشيد لا تجتمع بجعفر البرمكي إلا في مجلس أخيها..
عاتكة: أأتجرأ فأقول وأنا طامعة في حلم سيدتي؟
زبيدة: قولي.. لا عليك..
عاتكة: لجعفر البرمكي يا مولاتي فوق ما قلت.. جمال طاغٍ ساحر آخاذ وأني لأخشى من تأثير هذا السحر في يوم من الأيام على العباسة..
زبيدة: ولكن العباسة من الوجهة الشرعية زوج لجعفر وإن أضفينا على الزواج أسماء متعددة.. الخطأ من المبدأ وأنا أرى..
عاتكة: ترين ماذا يا مولاتي؟
زبيدة: أن يعلن الرشيد زواج أخته فيسلم من النتائج التي قد تترتب فيما بعد على هذا الزواج أو تنجم عنه..
عاتكة: يزوجها لجعفر؟ كيف يسلم سيدي الرشيد من سخط العرب عليه وعلى رأسهم الفضل بن الربيع وأنا - مع الربيع أيضاً لا أرضى عن هذا الزواج وسيدتي..
زبيدة: سيدتك من؟
عاتكة: أنت سيدتي لا ترضين أن تتزوج هاشمية بمولى من موالي الفرس.. والرأي السديد هو إلغاء هذا الزواج.
زبيدة: ولكن الرشيد مولع بجعفر ومولع بأخته ولا يطيق فراقاً أو صبراً عنهما..
عاتكة: إذاً فالنتائج لا شك وخيمة.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت الرشيد يقول)..
الرشيد: أراني الليلة منقبض الصدر مكروب الفؤاد يا جعفر.. ولا أرى أثراً للكرى في عيني ولا أعلم ما يزيله؟
جعفر: عسى أن لا يكون منشؤه شيئاً؟
الرشيد: فكرت في ذلك فأخذت بعض العقاقير ولكن كل ذلك لم يصنع شيئاً بل زادني هماً على هم وكرباً على كرب..
جعفر: أندعو الطبيب بختيشوع؟
الرشيد: لا لزوم له وأراني بحاجة إلى شيء يروِّح عني ويزيل ما بي..
جعفر: هل يفعل مولاي ما أشير به عليه؟
الرشيد: لقد دعوتك لتشير عليّ فهات ما عندك..
جعفر: ننزل في ركابك في زورق ينحدر بنا في دجلة لعلّنا نسمع ما لم نسمع أو ننظر ما لم ننظر فقد قيل تفريج الهم بواحد من ثلاثة أمور..
الرشيد: ما هي يا جعفر قل وأوجز..
جعفر: أن يرى الإنسان ما لم يكن قد رآه من قبل أو يسمع ما لم يكن سمعه أو يطأ أرضاً لم يطأها فلعلّ ذلك يكون سبباً في زوال قلقك يا أمير المؤمنين..
الرشيد: حسناً.. لقد ادع الفضل وأبا نواس ومسرور ريثما أدخل وأغيّر ملابسي وأتزين بزي التجار..
جعفر: بالأمر يا مولاي..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عاتكة تقول):
عاتكة: رأيته أمير المؤمنين في غير عادته يا مولاتي..
زبيدة: ماذا أنكرت عليه؟
عاتكة: رأيت متجهم الوجه، سارح الطرف.. شارد الذكر..
زبيدة: لعلّ أمراً من أمور الدولة أهمه؟ ولكن لم لم تتصلي بي..
عاتكة: لقد كنت مع سيدي محمد الأمين فلم أشأ أن أعكر عليه صفو مجلسك معه..
زبيدة: وأين الرشيد الآن.. ألا يزال على همه..
عاتكة: لقد رأيته فجأة يدخل إلى دار مراجل ثم يخرج في زي التجار وخلفه مسرور السياف..
زبيدة: إلى أين سار يا ترى؟
عاتكة: سألت فيما بعد فقيل لي..
زبيدة: ماذا قيل لك؟
عاتكة: لقد انحدر أمير المؤمنين مع جعفر وأبي نواس ومسرور السياف في زورق بدجلة..
زبيدة: إلى أين؟
عاتكة: الله يعلم..
زبيدة: لعلّه يحاول أن يروِّح عن نفسه بنسيم دجلة العليل ومناظره الفتّانة في الليل ولا سيما والبدر يرسل خيوطه الفضية على صفحة الماء..
عاتكة: حقاً إنها مناظر ساحرة يا مولاتي.. أرجو أن يستروح مولاي بها فيزول عنه ما يهمه أو يقلقه..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى تختلط بإرتطام الموج على جنبات الزورق وصوت الرشيد يقول):
الرشيد: ما أروع دجلة في الليل..
جعفر: أجل يا مولاي إن مناظره خلابة فتانة.. ليت ابن جامع معنا..
الرشيد: وليت إسحاق الموصلي أيضاً.. فإن كلا منهما يكمل الآخر..
جعفر: أيأمر مولاي أن نتجه بالزورق إلى دار إسحاق فإنها في أقصى الشاطىء الأيمن من دجلة ومن هناك ندعو ابن جامع..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها موسيقى آتية من بعد هي موسيقى أغنية ألا يا صبا نجد.. متى هجت من نجد.. لقد زادني مسراك وجداً على وجد).. وهي الأغنية التي يصدح بها الموسيقار الكويتي.. فيقول الرشيد):
الرشيد: ما أحسن هذه الموسيقى..
جعفر: ما طرق سمعي يا مولاي أجمل ولا أحسن منها..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها يغني المغني الكويتي شيئاً من هذه الأغنية فيرتاح الرشيد ويقول):
الرشيد: حقاً إن الموسيقى تزيل الهموم وتفرج الكروب..
جعفر: الحمد لله الذي أزال عن مولاي ما كان يشكو منه..
الرشيد: هيا بنا نعود محملين بهذه الذخيرة من المتعة والراحة..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مجاذيف الزورق وارتطام الموج بجنباته ثم صوت جعفر يقول):
جعفر: وصلنا والحمد لله..
الرشيد: أرى ديوان أبيك مضيئاً يا جعفر فهل عنده ما يشغله إلى هذه الساعة الأخيرة من الليل..
جعفر: ربما يا مولاي.. سنرى..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها وصول الزورق وينزل الرشيد وصحبه فيرون يحيى البرمكي واقفاً أمام الشاطىء وما أن يراه الرشيد حتى يقول له):
الرشيد: والدي ومؤدبي ينتظرني في الهزيع الأخير من الليل لا بد أن هنالك أمراً خطيراً..
(ثم يقول بصوت عالٍ).. ما وراءك يا أبي؟
يحيى: أخبار هامة يا (أمير المؤمنين)..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :965  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 32 من 63
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

أحاسيس اللظى

[الجزء الثاني: تداعيات الغزو العراقي الغادر: 1990]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج