شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة - 5 -
إبراهيم: عمي!
عثمان: ما بك يا إبراهيم؟
إبراهيم: عقيل بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قادم مع صحبه..
عثمان: لعلّه آت لاستقبال القادمين..
إبراهيم: سيكون حفل القران فخماً رائعاً كما قدرت له أن يكون.. فالأعداد التي ستلفظها السفن بعد قليل ستشترك معنا..
عثمان: عسى أن يكون بينهم من أصحاب الحرف والمهن فالبلد بحاجة ماسة إلى هذا النوع من الرجال..
إبراهيم: إن كان القادمين يمنيين فابشر يا عماه سنجد طلبتنا بينهم..
عثمان: ولكن حامد المزني ليس يمنياً ومع ذلك فهو عبقري في صنعته..
إبراهيم: إنه جوهرة نادرة والنادر لا حكم له..
عثمان: كيف؟
إبراهيم: القرشيون يربأون بأنفسهم أن يحترفوا أية حرفة لأنهم يرون فيها حطة وهم في مركز القيادة والزعامة ولذلك فالصناع جلهم من القبائل الحقيرة..
عثمان: كيف عرفت هذا؟
إبراهيم: من نسيبي المنتظر خالد: لقد أطلعني على الكثير من عادات العرب وخاصة القرشيين منهم..
عثمان: على كل حال القادمون خير وبركة على بلادنا سواء كان بينهم الصناع أم لم يكونوا..
عقيل: السلام عليكم..
عثمان: وعليك السلام يا بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم..
الجميع: صلى الله عليه وسلم..
عقيل: عدد السفن هذه المرة أكثر من عدد التي جئنا فيها..
سهيل: لقد فتحت هذه البلاد المضيافة أبوابها وصدور أهلها فأقبل الناس زرافات زرافات..
عثمان: لقد شرفت أرضنا بكم لأنكم حملة مشاعل الإسلام إليها وهكذا طهرتموها من رجس الشرك والوثنية..
سهيل: ها هي السفن تقترب من الشاطىء.. (ثم ينادي) إبراهيم! إبراهيم!
إبراهيم: لبيك يا عماه!
سهيل: هل استطاع بصرك معرفة القادمين؟
إبراهيم: إنهم خليط يا عماه وبينهم كما يلوح لي عدد وفير من اليمنيين..
عقيل: ما شاء الله.. ما شاء الله.. حفظ الله عليك هذه النعمة يا إبراهيم.. بصرك حاد ما شاء الله..
إبراهيم: بارك الله لنا فيك وفيمن معك..
عثمان: هيا بنا يا بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم نقترب من المكان الذي سترسو عليه السفن..
عقيل: بسم الله توكلنا على الله..
(يذهبون إلى الميناء والموسيقى تصاحب مسيرتهم وتختلط أصواتهم بتلاطم الأمواج وتكسرها على الصخور الميناء نسمع بعدها عائشة تقول):
عائشة: ألا تريدين يا فاطمة أن نذهب إلى دار أبي زينب الملاصقة للميناء نستشرف منها السفن وركابها..
فاطمة: الميناء يغص بالمستقبلين ولا أدري كيف نستطيع الوصول إلى دار أبي زينب..
عائشة: للدار مدخل خلفي..
فاطمة: ولكننا سنمر من أزقة موحشة..
عائشة: أتخافين وأنا معك..
فاطمة: لا ولكن الحذر واجب..
عائشة: ومم تخشين؟
فاطمة: لا أدري.. لعلي واقعة تحت سيطرة الخوف..
عائشة: ربما ولكننا في عهد بناء وانفتاح على العالم الخارجي فيجب أن نخشوشن حتى نستطيع المساهمة في البناء.
فاطمة: ليت عندي شيء من ثباتك وشجاعتك..
عائشة: هيا لا تضيعي علينا فرصة الاستمتاع بمرأى القادمين.. فالسفن تكاد ترسو بالميناء وتفرغ حمولتها من الركاب.. قولي معي..
فاطمة: أقول ماذا؟..
عائشة: بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله..
فاطمة: (تردد) بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى تختلط بتلاطم الأمواج وضجيج القادمين نسمع بعدها صوت عقيل يقول):
عقيل: ركاب السفن خليط عجيب من الناس يا عثمان: فيهم القرشيون، وبينهم الأحابيش وفيهم اليمنيون والحضرميون.
عثمان: لقد كنت أتمنى أن يكون بين القادمين يمنيون وحضرميون..
سهيل: لماذا يا عثمان؟
عثمان: لأن بينهم الصناع وأصحاب الحرف ونحن بحاجة إلى هذا الصنف من الناس يا سهيل.. أليس كذلك؟
سهيل: بلى.. بلى..
عثمان: الآن اطمئنيت على المسجد فقد كنا نفتقر إلى صناع يقومون بالأعمال الداخلية للمسجد بعد استكمال البناء..
عقيل: صدقت يا عثمان وقد حقق الله أمنيتك وإنما لكل امرىء ما نوى..
عثمان: اللّهم اجعل نوايانا خالصة لوجهك الكريم..
سهيل: آمين يا رب العالمين..
عقيل: إن هذا الحشد من الناس يحتاج إلى إيواء وإطعام فهل حسبت يا عثمان لذلك..
عثمان: بلى يا بن عم النبي صلى الله عليه وسلم الأماكن كثيرة والخير وفير ولله الحمد والمسألة مسألة أيام وسيقوم القادمون بإنشاء مساكن لهم وسنعين لهم المناطق والجهات.
سهيل: يجب أن يكون هناك نظام وحدود لكل منطقة وجهة حتى لا تحصل تعديات في المستقبل كما يجب أن نحسب حساب ازدياد السكان..
عثمان: سيتولى مجلس البلدة تنظيم ذلك وسيتعين بآراء الوجوه وأصحاب الرأي من القادمين كما فعلنا عندما قدمتم..
عقيل: في الحقيقة هي عملية شاقة وعلينا أن ننتظر أعداداً كبيرة من المهاجرين ولذلك فمسؤولية مجلس البلدة خطيرة.. وعليه أن يخطط للمستقبل..
عثمان: هذا رأي صائب ويجب الأخذ به..
عقيل: هيا بنا نسلم على القادمين فإني أراهم ينتظروننا هناك..
عثمان: هيا بنا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت فاطمة تقول):
فاطمة: انظري يا عائشة إن القادمين يتزاحمون للسلام على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بدوره يقدمهم لأبيك..
عائشة: إنهم على خلق عظيم..
فاطمة: أليس هو من البيت الذي ظهرت فيه النبوة.. إن هذه الشمائل والخلاق نفحات مقدسة عاطرة مستمدة من أخلاق وشمائل سيد الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم..
عائشة: صلى الله عليه وسلم.. يا له من منظر خلاب ذلك الخليط العجيب من الناس القادمين..
فاطمة: حقيقة يا عائشة إنه منظر يأخذ بمجامع القلوب..
عائشة: لقد سرح فكري وأنا أتطلع إلى هذه الجموع وهي تتدافع على رصيف الميناء وتسرع في مشيتها وكأنها عائدة إلى وطنها وأهلها وذويها لا إلى بلد غريب..
فاطمة: إنها آية من آيات هذا الدين.. وحجة دافعة على أنه دين الأخوة والسلام فالمسلم في بلدة زيلع يشعر أنه أخ المسلم في أي جزء من بلاد العرب أو العالم..
عائشة: صدقت يا فاطمة.. هل كان يجرؤ هؤلاء على النزول في هذا البلد معززين مكرمين لولا رابطة الدين..
فاطمة: إنما المؤمنون أخوة.. هذه الأخوة هي التي جمعت بيننا وبين هؤلاء الذين جاؤوا إلينا عصارى اليوم.
عائشة: أرأيت إبراهيم بين المستقبلين يا فاطمة..؟
فاطمة: لعلّه كان بينهم ولكني لم أتبينه في زحمة القادمين حتى ولا خالد..
عائشة: ربما كانا مشغولين في بناء المسجد..
فاطمة: عسى أن لا يكون شيء غير ذلك..
عائشة: أبدأ دبيب العافية في صدرك..؟
فاطمة: أتستغربينه وقد تذوقته يا عائشة..؟
عائشة: لا وربك.. ثقي إنني جد مسرورة بما سمعت.. ولعلّه من حسن الطالع وبشائر التوفيق..
فاطمة: هيا بنا فالشمس على وشك المغيب وطريقنا طويل.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مسعود يقول):
مسعود: كيف يسير العمل في المسجد يا حامد؟
حامد: لحد الآن كل شيء يسير حسب الخطة المرسومة..
مسعود: وأزمة الصناع هل تغلبتم عليها؟
حامد: بلى يا مسعود وذلك بعد مجيء القادمين الجدد من اليمن وحضرموت..
مسعود: أتراك تستطيع استكمال البناء في الفترة المحددة..
حامد: إن شاء الله ولكن..
مسعود: ولك ماذا؟
حامد: الأخشاب..
مسعود: كيف؟
حامد: الخشب يأتينا من مكان بعيد وعلى الجمال وغير مشذب.. ونحن هنا نقوم بالتشذيب والصقل وهذا يأخذ وقتاً..
مسعود: ألم تناقش ذلك مع الأخ عثمان..
حامد: لقد تدارسنا الموضوع مع الأخ عثمان ومع ابن أخيه إبراهيم وفكرنا في تذليل عقبات التأخير..
مسعود: وهل وصلتم إلى نتيجة..؟
حامد: لا شك ونحن بانتظار الأخشاب اللازمة خلال هذا الأسبوع..
مسعود: رائع.. رائع.. إذن فسينتهي تعمير المسجد في الفترة المحددة..
حامد: بإذن الله يا مسعود..
مسعود: حتى زواج إبراهيم وخالد أرجو ألا يعيقهما عن الانتظام في عملهما..
حامد: إن كلاً منهما يا مسعود يعرف واجبه والواجب فوق كل شيء..
مسعود: بحفظ الله وإلى اللقاء في حفلة العرس..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عقيل):
عقيل: يا له من عريس فخم.. لقد أنفق فيه عثمان بحساب وبدون حساب..
سهيل: أعتقد أنه لم يبق بيت في بلدة زيلع إلا ودخله شيء من طعام العرس..
عقيل: أهل هذه البلاد عندهم عوائد طيبة..
سهيل: كيف؟
عقيل: لقد ساهم مسلمو زيلع ووثنيوها في هذا العرس كل بحسب طاقته وهذا يدل على قوة الترابط بينهم..
سهيل: إنها أشبه بعاداتنا في مكة في أيام العرس والوفاة.. حتى أنهم يفرحون للفرحة ويحزنون للحزن..
عقيل: أخشى أن يأتي يوم يموت فيه جار المرء فلا يكلف نفسه بسؤال أهله عما أصابهم..
سهيل: لن يأتي ذلك اليوم ما دمنا متمسكين بأهداب ديننا الحنيف..
عقيل: هل رأيت مسعود بعد حفل العرس؟
سهيل: بلى يا عقيل.. رأيته وكان منهمكاً في الإعداد لرحلتنا المرتقبة..
عقيل: ومتى يفرغ من ترتيباته..
سهيل: إن المناطق التي سنزورها تحتاج إلى إعداد طيب وترتيب مدروس..
عقيل: وعثمان من رأي مسعود..
سهيل: بل هو الذي أشار بذلك على مسعود وهو ملازم له كل منهما مكمل للآخر.. على كل حال أنا بانتظار قدومهما لأخبارنا بيوم السفر..
عقيل: وخالد العريس.. ما هي أخباره؟
سهيل: إنه يكاد يجن بعروسه.. إنه يمدح ويثني بما يفوق الوصف..
عقيل: الحمد لله.. هذا توفيق من الله سبحانه وتعالى..
سهيل: هل سنأخذ خالداً معنا؟
عقيل: والمسجد.. إنه وإبراهيم يدا حامد المزني وعيناه..
سهيل: صدقت.. صدقت..
عقيل: ثم لا تنسى..
سهيل: أنسى ماذا؟
عقيل: عثمان يعتمد على إبراهيم في إدارة البلدة أثناء غيابه لأنه يرشحه لأن يخلفه بعد وفاته..
(سهيل يرى عثمان ومسعود قادمين والموسيقى مصاحبة لهما فيقول):
سهيل: ها هما قادمان؟
عقيل: من؟
سهيل: عثمان ومسعود..
عقيل: وفي جعبتهما موعد السفر.. اللّهم اجعلها رحلة خير وبركة ووفقنا إلى ما تحب وترضى..
عثمان ومسعود: السلام عليكما..
عقيل وسهيل: وعليكما السلام..
عثمان: لقد جهزنا كل شيء..
عقيل: ومتى موعد الرحلة؟
عثمان: يوم الاثنين القادم إن شاء الله..
عقيل: يوم مبارك توكلنا على الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :877  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 28 من 65
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.