شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 5 ـ
شاس: أسمعت صوت المنادي يا بن أُبي؟
ابن أبي: بلى يا شاس.. بلى.. إنه يدوي كالرعد القاصف.. أما قلت لك إن أبا سفيان أضاع فرصة ثمينة لن تسنح له بعد اليوم..
شاس: ولكن المسلمين مع نبيهم الجريح سيذهبون ليلقوا حتفهم بظلفهم.. ستعطف عليهم خيل قريش فتبيدهم ولن يعود منهم أحد أبداً وعندها..
ابن أبي: عندها ماذا يا شاس؟..
شاس: عندها تعلن نفسك ملكاً على يثرب يا بن أُبي وسيبايعك اليهود قبل بني قومك..
ابن أبي: لو تحقق ما تقول يا شاس فسينعم اليهود في عهد حكمي ليثرب بما لم ينعموا به في أي عهد مضى..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سهيل بن عمرو يقول):
سهيل:يا لها من معركة عجيبة يا مكرز أولها هزيمة ثم نصر أهداه لنا المسلمون مرصعاً بجماجم سبعين رجلاً من رجالهم..
مكرز: صدقت يا سهيل بن عمرو.. لقد شاهدت بأم عيني فلول جيشنا.. ووطنت نفسي على اللحاق بالمنهزمين وإذا بي أرى خيل خالد بن الوليد تحتل تل رماة المسلمين فتضربهم على غرة من خلفهم فترتبك صفوفهم وتدور الدائرة عليهم..
سهيل:غلطة رماة المسلمين كانت السبب في هذا النصر المبين الذي استعادت به قريش كرامتها المهدرة وسيادتها على العرب..
مكرز: ولا شك أن أكثر الناس ابتهاجاً بهذا النصر هي هند بنت عتبة..
سهيل:بلى يا مكرز بلى.. وحق لمن معها من النساء أن يشاركنها هذه الفرحة الطاغية..
مكرز: سمعت أن زوجك وابنتك اشتركتا في هذه المعركة وأنهما أبرزتا بطولة رائعة خصوصاً في أول المعركة عندما بدأنا ننهزم أمام هجوم المسلمين..
سهيل:هكذا قيل لي يا مكرز.. لقد أديتا واجبهما وحق لي أن أفخر بما فعلتا..
مكرز: السؤال الذي يتردد بين القرشيين المشتركين في هذه المعركة ولم يجدوا له جواباً هو..
سهيل:هو ماذا يا مكرز..
مكرز: هو لِم لَم يهاجم أبو سفيان يثرب بعد أن مزّق جيش محمد شر ممزق..
سهيل:كان يخشى أبو سفيان من المسلمين المتخلفين في يثرب إن هو هاجمهم أن ينقض عليه محمد من خلفه بعد أن جمع جيشه المبعثر وصمد صموداً تكسرت على صخوره هجمات القرشيين المتعاقبة..
مكرز: أراني ما زلت غير مقتنع بما تقول يا سهيل..
سهيل:سواء اقتنعت أم لم تقتنع فهذا شيء لا يغير من الحقيقة والواقع..
مكرز: انظر يا سهيل.. انظر..
سهيل:انظر ماذا يا مكرز..
مكرز: أبو سفيان وهند بنت عتبة سائران إلينا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى تختلط بوقع حوافر الخيل نسمع بعدها صوت هند تقول):
هند: عم مساءً يا أبا جندل وأنت يا مكرز..
سهيل:عمي مساءً يا بنت عتبة وأنت يا قائدنا المظفر..
هند: لا شك أنه ظفر ما بعده ظفر.. ونصر عملت أنت ورجالات قريش على تحقيقه..
سهيل:ولا تنسي نساء قريش وفي طليعتهن هند بنت عتبة..
هند: وزوجتك وابنتك يا سهيل.. لقد جئت وأبا سفيان لتهنئتك على البطولة التي أظهرناها..
سهيل:الفضل للقيادة الحكيمة ولقد كنت القائدة البارعة الحكيمة..
هند: شكراً لك يا أبا جندل ولنا الجميع الهناء بالنصر..
مكرز: أو أعدت محمداً وأصحابه بيوم بدر في العام المقبل يا أبا سفيان؟ وأنت منصرف من أحد. فهل قبل محمد بهذا التحدي؟
أبو سفيان: بلى يا مكرز بلى.. نعم قبل محمد التحدي..
مكرز: يتحدث الناس..
هند: بم يتحدثون يا مكرز؟..
مكرز: يقولون لِم لَم يهاجم أبو سفيان يثرب بعد أن قضى على جيش محمد في أُحد.
سهيل:ولكني بينت لك يا مكرز خشية أبي سفيان من جيش احتياطي وضعه محمد في يثرب..
أبو سفيان: صحيح ما قاله لك سهيل يا مكرز ولكني الآن..
سهيل:ولكنك الآن ماذا؟
أبو سفيان: أفكر في العودة إلى يثرب ومهاجمتها قبل أن تلتئم جراح محمد..
سهيل:ألا ترى أن الفرصة قد أفلتت من يدك يا أبا سفيان؟
أبو سفيان: لا تضيع الفرص بين عشية وضحاها..
سهيل:ألا تتريث يا أبا سفيان قبل أن تقدم على هذه المخاطرة..
أبو سفيان: ولكن هذه إرادة القرشيين لقد سلقوني بألسنة حداد يا أبا جندل..
سهيل:هذا معبد بن أبي معبد الخزاعي يا أبا سفيان في ركب من أصحابه قادم ولا شك من جهات يثرب فهلمّ نسأله عن أحوال المسلمين فقد يكون لديه من الأخبار ما يفيد ويجعلنا نقرر على ضوئها ما يجب..
أبو سفيان: نعم الرأي يا سهيل.. هلمّ بنا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت معبد بن أبي معبد الخزاعي يقول):
معبد: أنعمت مساءً يا أبا سفيان وأنت يا سهيل بن عمرو..
أبو سفيان: ما وراءك يا معبد من أخبار محمد؟..
معبد: رأيت محمداً قد خرج في أصحابه يطلبكم من جمع لم أر مثله قط يتحرقون عليكم تحرقاً.. قد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم، وندموا على ما صنعوا.. فيهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله أبداً..
أبو سفيان: ويحك ماذا تقول؟..
معبد: والله ما أرى أن ترتحل حتى ترى نواصي الخيل..
أبو سفيان: لقد أجمعنا الكرة على المسلمين حتى نستأصل بقيتهم..
معبد: إني أنهاك عن ذلك يا أبا سفيان.. فالجيش الذي رأيت لا يستهان به.. ومع ذلك فالرأي الأول والأخير لك يا أبا سفيان..
هند: لقد نصحك الرجل يا أبا سفيان..
سهيل:صدقت يا هند..
أبو سفيان: والقرشيون الثائرون ماذا أقول لهم..
سهيل:إنك قدير على تهدئة ثائرتهم فلديك من الحجج والبراهين ما يفحمهم ولا سيما وقد تحديت محمداً ببدر أخرى في العام القابل..
هند: إن سهيل بن عمرو مصيب فيما يقول يا أبا سفيان..
أبو سفيان: إذن فلنعمل على منع محمد من تعقبنا بجيشه الجرار الذي يقول عنه أخو خزاعة..
سهيل:كيف تفعل ذلك..
أبو سفيان: انظروا.. هذا ركب من عبد القيس يمر بنا في طريقه ولا شك إلى المدينة، هلموا بنا نبلغه هذه الرسالة..
هند: أية رسالة يا أبا سفيان؟..
أبو سفيان: ستسمعينها بأذنيك يا هند..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى تختلط برغاء الإبل وهمسات القادمين نسمع بعدها صوت أبي سفيان يقول):
أبو سفيان: يا بني عبد القيس! أين تريدون؟
أحدهم: نريد المدينة للميرة يا أبا سفيان..
أبو سفيان: فهل أنتم مبلغون عني محمداً رسالة أرسلكم بها إليه.. وأُحمِّل لكم هذه غداً زبيباً بعكاظ إذا وافيتموها؟..
أحدهم: نعم يا أبا سفيان.. هاتها.. أو قلها..
أبو سفيان: إذا وافيتم محمداً فأخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم..
سهيل:إنها تهديد تحمله برسالة وإني لموقن أن محمداً لن يتبعنا إذا بلغوه هذه الرسالة..
أبو سفيان: إذن نادوا بالرحيل والعودة إلى مكة..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت ابن أُبي يقول):
ابن أبي: أيها الناس! هذا رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بين أظهركم أكرمكم الله وأعزكم به فانصروه وعزروه، واسمعوا له وأطيعوا..
أصوات: اجلس يا عدو الله ورسوله لست لذلك بأهل وقد صنعت ما صنعت يوم أُحد..
ابن أبي: والله لكأنما قلت بجراً، أن قمتُ أُشدّد أمره..
أصوات: أخرج يا عدو الله ورسوله أخرج..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت شاس يقول):
شاس: أصحيح ما جرى لك في المسجد يا بن أُبي؟
ابن أبي: بلى يا شاس بلى..
شاس: كيف يا بن أُبي كيف؟..
ابن أبي: قمت كعادتي أشدِّد أمر محمد فوثب علي رجال من أصحابه يجذبونني ويعنفوني لكأنما قلت بجراً فخرجت من المسجد فلقيني أحد الأنصار وسألني فأخبرته بما جرى فقال..
شاس: قال لك ماذا؟
ابن أبي: قال ويلك! ارجع يستغفر لك رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فقلت له: والله ما أبتغي أن يستغفر لي..
شاس: لا فض فوك يا ابن أُبي.. لقد نقموا عليك لأنك لم تشترك في معركة أُحد..
ابن أبي: أجل يا شاس.. لو أطاعني محمد ما جرى له ما جرى..
شاس: الحمد لله الذي لم يطعك فذاق مرارة الهزيمة وكاد يقتل لولا وقفة أصحابه من حوله.. أريد أن أسألك يا بن أُبي..
ابن أبي: سل يا شاس ما شئت..
شاس: هل كنت جاداً في نصحك لمحمد؟..
ابن أبي: لا يا شاس.. وإنما اتخذت ذلك تكأة لأتجنب الدخول في معركة قدرت نتائجها من البداية..
شاس: هنالك عتب عليك منا نحن اليهود..
ابن أبي: ما هو يا شاس؟..
شاس: طالما سفرت بعدائك لمحمد بعد خذلانك له يوم أُحد.. فما كان لك أن تعود لمصانعته وتجلب على نفسك نقمة أصحاب محمد فيعاملوك بالشكل الذي عوملت به..
ابن أبي: المصانعة كانت ضرورية حتى نبقى على علم بنوايا محمد.. إذ لو سفرنا وجابهنا لحطمنا محمد.. أما ونحن ظاهراً مسلمون فإنه لا يستطيع أن ينتقم منا..
شاس: ولكنك أهنت إهانة بالغة في المسجد..
ابن أبي: ولكن محمداً وأصحابه سيدفعون غالياً ثمن هذه الإهانة.. ولن يضيع حق وراءه مطالب..
شاس: لقد بغى محمد وطغى.. وكنا نظن أن معركة أُحد قد كسرت شوكته فإذا به يتنمر ويستأسد..
ابن أبي: إن ما رأيت تغطية وستر لهزيمته في أحد تلك المعركة التي أضاعت هيبة محمد وأطاحت بسمعته من القبائل..
شاس: ولكن كيف قتله صبراً لمعاوية بن المغيرة بن أبي العاص وأبي عزة الجمحي؟..
ابن أبي: إنها تظاهرات بالقوة لستر الوهن والضعف وتضميد جراح الهزيمة التي ما تزال تنزف..
شاس: ثم أنت اليوم كدت تقتل من قبل الغوغاء في المسجد لولا أن أحاط بك رجالك..
ابن أبي: بلى يا شاس بلى.. ولكنك ستسمع وترى عما قريب كيف يثأر ابن أُبي لكرامته..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1153  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 5 من 58
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالله بلخير

[شاعر الأصالة.. والملاحم العربية والإسلامية: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج