شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 5 ـ
مزنة: طمنيني يا أماه.. هل سيموت أمية ابن أبي الصلت؟..
سلمى: لا تتعجلي الحديث..
مزنة: ولكن يا أماه.. سؤال فقط؟
سلمى: ستعرفين كل شيء في أوانه..
مزنة: حاضر يا أماه..
سلمى: إلى أين وصلنا في قصة أمس..
مزنة: وصلنا يا أماه إلى أمية بن أبي الصلت يركض كالمجنون وأبو سفيان ينادي..
(نقلة صوتية بدون موسيقى)..
أبو سفيان: مكانك يا أمية.. مكانك أيها المجنون.. أيها المجنون..
الراهب: لقد صفعه الخبر وأعمى الحسد عقله والبصر.. وأرى داء الحقد به استشرى وسيرد به عما قريب لا محالة..
حسان: فلندع أمية يا أبا سفيان يهيم على وجهه في القفار والوديان فقد وكدنا وأتعبنا فهيا بنا إلى جلّق ما دمنا نتشرف غوطتها الفيحاء..
أبو سفيان: وكيف نترك رفيقنا! أتريدنا نصبح سبة تلوكها ألسنة العرب؟
حسان: أسرع بنا إذن ندركه قبل أن نفقد أثره..
(صوت حوافر الخيل وهي تعدوا قليلاً ثم لا تلبث أن تتوقف وصوت أبي سفيان يقول):
أبو سفيان: قاتلك الله يا أمية لقد قطعت نياط خيلنا ونحن نطاردك فهلا ثبت إلي رشدك يا هذا؟
أمية: دعوني.. لا أباً لكما.. دعوني..
أبو سفيان: وكيف ندعك.. هيا.. هذه دمشق.. هذه الفيحاء..
حسان: انظر.. يا للمشهد الرائع.. الأنهار تخترق الخبائن والحقول.. والدنيا تبسم للربيع المطل.. أين دنيا الصحراء من هذا الجمال الساحر؟..
أبو سفيان: أرأيت أيها الشاعر كيف تسابقنا المياه وكأنها لا تدري ما بنا من عطش..
حسان: إنها تسير إلى أعراف دمشق وعطورها.. ماذا تقول يا أمية؟..
أمية: دعني فأنا في شغل عن سماع ألحان قيثارتك..
حسان: كان عالم الشعر لا يستهويك.. لعمري ستعيش عمرك كله أسير هواجسك وخيالاتك السوداء..
أبو سفيان: دع أمية يحلم بالسراب الخادع والبرق الخلب..
حسان: أما أنت وأنا فإلى رياض الشام.. وليبق أمية تائهاً في غياهب أوهامه.
أمية: ليس لأحد أن يردني عن وحدتي التي أوثرها على صحبتكم.
أبو سفيان: إلى قصور آل حفنه.. إلى ليالي الفن والحب والشعر..
((حوافر خيل ثم موسيقى انتقال))..
حسان: ما أحلى ما أسمع.. إنه يهز أوتار القلوب يا أبا سفيان..
أبو سفيان: إن لنا في ضواحي دمشق ذكريات جميلة لا نحل حديثها..
(يجري الحديث التالي بين فتاتين كانتا تملآن جرارهما من العين الجارية وقد رأتا الفارسين يقصدان مكان العين)..
الفتاة (1): يلوح لي أن الفارسين غريبان..
الفتاة (2): وكيف عرفت ذلك يا أختاه؟..
الفتاة (1): انظري الوسم الذي يزن كفل فرس كل منهما.. إنهما إن صدق ظني من عرب الحجاز..
حسان: (وقد اقترب من الفتاتين) طاب صباحكما يا فتاتي..
الفتاتان: طاب صباحكما..
أبو سفيان: أتأذنان لنا بأن نسقي خيلنا فقد أرهقها العطش وطول السرى؟
الفتاة (1): الماء دونكما فانهلا منه ما شئتما أيها الغريبان.. ودار أبينا على الربوة المطلة أمامكما ترحب بكما ضيوفاً أعزاء فيها..
أبو سفيان: شكراً لكما.. بورك فيكما.. وفي أبويكما..
أبو سفيان: بودنا قبول الضيافة لولا أننا على عجل..
الفتاة (2): إذن رافقتكما السلامة.. رافقتكما السلامة..
(يحملون جرارهما ويمشين في طريقهما)..
حسان: ما أجمل دنيا هؤلاء القوم.. إنها تثير قرائح الشعراء..
أبو سفيان: هيا بنا إلى ظل شجر الجوز الوارف..
حسان: ليت لنا مثل هذا الماء والظل في صحرائنا..
أبو سفيان: يا ليت.. يا ليت..
(يفاجآن بعودة أمية ابن أبي الصلت)..
حسان: أراك عدت إلينا يا أمية والعود أشأم..
أمية: ما هذه الحصى التي تتناثر من فيك يا بن الفريعة؟..
أبو سفيان: قليلاً من الحلم يا رفيقي.. هيا بنا نتخذ طريقنا إلى دمشق..
حسان: هيا بنا وليكن سيرنا في صحبة هؤلاء الكرماء..
أبو سفيان: ترفق بالحديث عنهم فقد يصيبنا رشاش من تهكمهم..
حسان: لا تخف فإني بهم لخبير..
(ضحكات متواصلة من جماعات الفلاحين.. موسيقى مصاحبة)..
حسان: (يخاطبان إحدى الفتيات)..
لمن هذا الزهر الذي تحملينه يا أختاه؟..
الفتاة: هدية أحملها للفارس البطل جبلة ابن الأيهم..
حسان: أو تعرفينه؟..
الفتاة: إنه ريحانة غسان وفارسها.. من يجهل جبلة وهو الكريم المضاف؟..
(صوت الأبواق تتعالى في الفضاء)..
الفتاة: أسمعوا إن البطل يقود فرسانه إلى ساحة العرض..
أبو سفيان: وهل تحتفل بلاد الشام اليوم؟..
الفتاة: أجل.. إنها تحتفل بوداع سيد غسان في زيارته للقيصر في القسطنطينية..
أبو سفيان: هذا يومك يا بن الفريعة، ستكون فرصتك في الإنشاد، ولعلّ أمية يقول شيئاً..
أمية: دعك من هذا السخر فلست شاعراً في المديح أو الرثاء..
حسان: أو تعني أنك تقول الحكمة وتنشد الفضيلة؟..
أمية: أنا لا أتكسب مثلك في الشعر ولا أتزلف مثلك للأمراء والقوّاد..
حسان: في نفسك موجدة على الأمراء والقوّاد فهم لا يمدون يدهم لمصافحة أمثالك..
أمية: أنا أقول خيراً منك..
حسان: ولكن ما تقوله جاف لا ينبض بالحياة..
أمية: لقد مللت صحبتكما وسأفترق عنكما وأذهب في طريق آخر..
حسان: ستسير في طريق مملوء بالشوك.. وسنسير نحن في أرض مفروشة بالزهر والرياحين أذهب فإنك لم تبق في قوس صبرنا منزع..
(ينطلق أمية في طريق جانبي، وقع أصوات أقدام فرس أمية وهي تعدوا به):
أبو سفيان: لقد خاشنته يا بن الفريعة فنفر، وكان الأولى بك أن تترفق به.
حسان: أو تريد أن نقضي عمرنا في غمرة هذيانه؟ نحن نعيش في عالم يختلف عن عالمه. (صمت يسود الغابة والخيل تدق بأقدامها على الأرض، ريح تسير قليلاً من التراب ويقوى صوت حفيف الأشجار..).
أبو سفيان: يخاطب أحد الفلاحين.. متى نصل يا فتى؟..
الفلاح: نحن على بعد ثلاثة فراسخ، ولكن لن يأخذ بكما الملل، إنكما تقتربان من حياة المدينة..
أنظر.. انظر.. هذه رايات غسان تطل علينا.. مفرزة من الفرسان وعلى رأسها القائد..
حسان: بارك الله لغسان في فتيانها إنهم يتطاولون كالنخل الباسق..
أبو سفيان: أرى شيطان شعرك قد تحرك يا بن الفريعة.. أنت تتحمس دائماً لآل جفنه..
حسان: إنهم أكرم العرب في صحبتهم، ثم أنظر ألا يستهويك هذا المنظر (المشهد) الفاتن؟.. تالله إني لأشعر بالفخر والاعتزاز..
أبو سفيان: حقاً ليس أروع من منظر الفرسان والرايات والأعلام تظللها..
حسان: هذه الرايات يجب أن تعلو هذه الأرض وحدها، إنه ليؤلمني أن ترتفع رايات قيصر أمام رايات قومي..
أبو سفيان: ولكنها المرونة والسياسة، وغسان تحالف قيصر لترد عاديات الفرس عن هذه الأرض.
حسان: لماذا لا يقوم تحالف بين غسان والمناذرة.. متى نتحرر من سيطرة الفرس والرومان معاً؟..
أبو سفيان: لعلّ هذا يكون قريباً.. فغسان قلعة من جفوة بينها وبين قيصر وكذلك حال ملوك الحيرة مع كسرى..
حسان: أو تظن أن لسفر سيد غسان إلى القسطنطينية علاقة بما يقول؟..
أبو سفيان: أقدر أننا سنشاهد أحداثاً قريبة بعيدة الأثر (ترتفع أصوات البواق من ناحية جيش غسان..).
حسان: أسرع الخطى علّنا ندرك الموكب الملكي، ولا يفوتنا مشهد الأبطال.
أبو سفيان: هيا بنا..
(خبطة موسيقية قوية)..
مزنة: ما أجمل هذه القصة، ولكن يا ليتك أكملت..
سلمى: غداً سنتابع حديثنا في أمجاد الجزيرة العربية فهلمي الآن إلى مخدعك..
مزنة: حاضر يا أماه..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1155  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 5 من 69
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج