شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مشروعات دار العجزة ودار الأيتام (1)
لا يتمارى اثنان في هذه البلاد أن أول عهدها بإنشاء دار عجزة ودار أيتام إنما كان منذ ثلاث سنوات تقريباً بمساعي واهتمام وجهود حضرة صاحب السعادة مدير الشرطة العام مهدي بك جزاه الله خيراً على ما قدم.
لقد كان تأسيس دار العجزة في ظروف تستدعي العناية بإنشائها فما كان أشد ازدحام المتسولين وذوي العاهات حول المتصدقين والمتقربين إلى الله بين زوايا المساجد وأروقة الحرم الشريف وفي منعرجات الطرق وعلى أطراف الشوارع وفي كل بقعة يقع عليها النظر في المشعر الحرام وأبواب المساجد بأزياء مختلفة رثة وسحن منقلبة واستكانة محزنة واستجداء مزر ومن بينهم الشيوخ والكهول والأطفال والنساء وفيهم ذوي العاهات والأمراض وهم خليط مزدوج من فقراء جميع الأجناس الذين اتخذوا من الإقامة في الأرض المقدسة مرتزقاً لهم ومن التسول حيلة لهذا الارتزاق وكم كان التذمر والتأفف بالغين حدهما الأقصى من هذه الجموع التي تحتشد فرقاً وصفوفاً متتابعة حول الحجاج والطائفين والساعين والمصلين فلا يكاد المتصدق يهم بالصدقة على قسم منهم حتى يتألب عليه عدد عظيم ليضطره إلى التقهقر والتراجع والانزواء إن لم تعلق به أيديهم وتخطف بره الأكف المتلاصقة.
هكذا كان الحال قبل أن يفكر مؤسس دار العجزة في إيوائهم وحجزهم وتأمين ضروريات الحياة لهم وتقديم المرضى منهم والمصابين إلى المستشفيات ووقف أضرارهم المتعدية وسمعتهم السيئة وتكالبهم المقلق. ولا ريب أن لجلالة الملك المفدى وسمو نائبه المعظم أكبر الأثر والفضل والإحسان في تحقيق هذه الفكرة وضمان نجاحها فلم تمض إلا أيام قليلة حتى كانت لهم دار منظمة تجمع جمهرتهم وتضمن معيشتهم وتشبع بطونهم ومسغبتهم في فراش وثير وطعام وفير حتى خلت منهم معابر السبل ومواقف النسك وارتاح الناس من تلك المظاهر الدالة على الفاقة والضنك واستبدلت بذلك فسحة وراحة بعد مضايقة وإحراج.
وتستهوي مؤسس دار الأيتام فكرة أسمى وخيال أوسع ومشروع مفيد بعثه إليه الإخلاص والشفقة وحسن النية والرغبة فيما عند الله من ثواب مدخر فأقدم عليه مستعيناً بالله ثم بتعضيد ومساعدة وإحسان جلالة الملك المفدى وسمو نائبه المعظم - ذلك هو تأسيس (دار الأيتام) فإذا هي بين عشية وضحاها تخرج من حيز التصور والتقدير إلى العمل الصامت الدائب دون أن يتطلب على ذلك شكراً أو يحيطه بهالة من الدعامة المشوشة بالثناء، شأن الذين يريدون الظهور ويزين لهم الغرور وتبرز الفكرة محققة النفع، عظيمة الأجر فتأوي كل يتيم حز في قلبه البؤس وأضناه الفقر وأذلته الخيبة فيؤلف منهم ويكسوهم شغوفاً وينظم لهم حياة ما كانت تخطرهم على بال فهم بين أساتذة أكفاء يعلمونهم أصول الدين ومبادئ العلوم ويربونهم على الأخلاق الكريمة ويربونهم على العمل والفضائل بعد أن كانوا لا يجدون لهم في ديجور هذه الحياة أملاً باسماً شافياً من آلامها القاسية وتمضي سنة وأخرى فإذا الدار نازعة إلى غايات بعيدة، وإذا بتلامذتها الصغار أجساماً الكبار آمالاً يتطورون تطوراً لم يكن بالحسبان فيجدون صناعات مختلفة في فنون الرسم والخياطة والنجارة والكتابة علاوة على ما تمكنوا فيه من المبادئ الأولية في التوحيد والفقه والحساب والإملاء والخط والإنشاء وترفع فوق جدران الحكومة وفي غرف الأمراء وفي بهاء القصر الملكي آثار ما أجادوا من اللوحات الفنية الجميلة وتهدي إلى كبار وعظماء الوافدين فيلمسون فيها روح الطموح والإجادة والرغبة في التفوق.
ورغماً عن كل الإعانات التي تبرع بها المحسنون إلى هاتين الدارين الكبيرتين المتدرجتين في طريق التكامل فإنها لم تبلغ الحد الذي يجب أن تصل إليه بالنسبة لأهميتهما وسمو الغاية المؤملة فيهما، وبالنظر إلى مكانهما من الأرض المقدسة التي يفد إليها أكبر عدد من جميع المسلمين في أنحاء المعمورة خصوصاً مع ما يرمي إليه سعادة مديرها من إنشاء عمارة خاصة كبرى لها، واستحضار آلات فنية حديثة لأشغالها وجعلها مصدر صناعة محلية واسعة النطاق. ولولا السعي الحثيث والجهد المتواصل اللذان يبذلهما سعادة المدير المؤسس (مهدي بك) لما وصلت إلى هذه المكانة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :657  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 609 من 1070
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج