هل من طبيب يداوي جــرح أمته؟ |
هل من إمـام لدرب الـحق يهدينا؟ |
كان الحنين إلى الماضي يؤرقنا |
واليـوم نبكي على الماضـي ويبكينا |
من يرجـع العمر منكـم من يبادلني |
يوماً بعمري ونُحْيـي طيـف ماضينا |
إنا نموت فمن بالحق يبعثنا |
لم يبـق شيء سـوى صمت يواسينا |
صرنـا عـرايا أمــام الناس يفزعنا |
ليل تخفى زماناً
(1)
في مآقينا |
صرنا عرايا وكل الأرض قـد شهدت |
أنا قطعنا بأيدينا أيادينا |
* * * |
يوماً بنينا قصور المجد شامخة |
والآن نسأل عن حلم يوارينا |
أين الإِمام رسول الله يجمعنا؟ |
فاليأس والحزن كالبركان يلقينا |
ديـن مـن النـور بـين الخلق جمعنا |
ودين طه ورب الناس يغنينا |
يا جامع الناس حول الـحق قد وهنت |
فيــنا المـروءة أعيتنـا مآسينــا |
بيروت في اليم ماتت، قدسنا انتحرت |
ونحن في العار نسقــي وحلـنا طينا |
بغداد تبكي وطهران تحاصرها |
بـحر مـن الدم بـات الآن يسقينا |
هذي دمانا رسول الله تغرقنا |
هل من زمان بنـور العــدل يحمينا؟ |
إنَّ الدماء شهيد كلها حملت |
في الليل يوماً سهـام القهــر تردينا |
القدس في القيـد تبكـي من فوارسها |
دمع المنابر يشكو للمصلينا |
مالي أرى الـخوف فينـا ساكناً أبداً |
ممن نخاف؟ ألم نعرف أعادينا؟ |
أعداؤنا مَـن أضاعوا السيف من يدنا |
وأودعونا سجون الليل تطوينا |
أعداؤنا من توارى صوتُهـم فــزعاً |
والأرض تُسبي وبيروت تنادينا |
أعداؤنا أوهمونا آه كم زعموا |
وكم خدعنـا بوعـد عـاش يشقينا |
قـد خَدَّرونا بصيـح كـاذب زمنـا |
فكيف نأمل في يأس يمنينا؟ |
* * * |
أيّ الحكايا ستـروي، عارنـا جلـل |
نحن الهوان وذل القدس يكفينا |
مـن باعنا خبروني كلهـم صمتـوا |
والأرض صارت مزاداً للمرابينا |
هل مـن زمـان نقـي فـي ضمائرنا |
يحيى الشموخ الـذي ولــى فيحيينا |
يا ساقي الـحزن دعـني إنني ثـمل |
إنا شربنـاه قهــراً مـا بأيدينــا |
عمري شموع على درب المنى احترقت |
والعمـر ذاب وصـار الحلـم سِكينا |
كم مـن ظلام ثقيـل عـاش يغرقنا |
ثم انتفضنا فمزقنا دياجينا |
العمر فـي الأرض أودعناه مـن زمن |
والأرض ضاعت ولا شـيء يعزينـا
(2)
|
كنا نـرى الـحق نوراً فـي بصائرنا |
والآن للزيف حصن في مآقينا |
كنـا إذا مـا توارى الحلـم عانقنـا |
حلم جديد يغني في روايينا |
كنا إذا خاننا فرع نقطعه |
وفوق أشلائه تمضي أغانينا |
كنا إذا مـا استكان النـور فـي دمنا |
في الصبح ننسى ظلاماً عـاش يطوينا |
كنـا إذا اشتد فينا اليأس وانكسـرت |
منا السيوف ونادانا منادينا |
عدنا إلى الله علَّ الله يرحمنا |
والآن نخجل منه من معاصينا |
الآن يـرجف سيف الزور فـي يدنا |
فكيف صارت كهـوف الزيف تؤوينا؟ |
هـل من زمان بعيـد السيف مشتعلاً |
لا شيء والله غير السيف يبقينا |
يا خالد السيف لا تعجب ففـي زمني |
باعوا المآذن والقرآن راضينا |
قم مـن ترابك يـا ابن العاص في دمنا |
ثأر طويل لهيب العار يكوينا |
قم يـا بلال وأذن صمتنـا عــدم |
كل الذي كـان طهراً لـم يعـد فينا |
هل من صلاح بدين الـحق يجمعـنا |
في القدس يوماً فيحييها ويحيينا |
هـل من صلاح يداوي جـرح أمته |
ويطلع الصبح ناراً من ليالينا |
هل من صلاح يعيد السيف فـي يدنا |
ولتبتروها فقد شلت أيادينا |
* * * |
حزني عنيد وجُرْحـي أنت يـا وطني |
لاشيء بعدك مهما كان يغنينا |
إني أرى القـدس فـي عينيك ساجدة |
تبكي عليك وأنت الآن تبكينا |
آهٍ من العمرِ جُرحٌ عـاش في دمنـا |
جِئنا نداويه يأبى أن يداوينا |
ما زال فـي العينِ طيفُ القدس يجمعنا |
لا الحلم مـات ولا الأحـزان تنسينا |
لا القدس عادت ولا أحلامنا هـدأت |
وقد نموت وتحيينا أمانينا |
ما أثقل العمر لا حلـم ولا وطــن |
ولا أمان ولا سيف ليحمينا |