شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
اعترافات؟!
يهدِّدني الماضـي بِأَشْبـاحِ أغـوالِ
فأشْقى بِسيَّاف . وأشْقـى بِنَبَّـالِ!
وأَنْظُر للماضِيَ فأطْوِي على القَـذى
ضُلوعي وأَخْزى من غُدُوِّي وآصالي!
مَضَتْ كلُّها بالمُخْزياتِ. وخَلَّفَـتْ
على غَيْرِ ما أَهْوى.. غَرِيقاً بأَوْحالِ!
لقد كنْتُ أَيَّـامَ الشَّبـابِ مُغامِـراً
أَتِيهُ بأقْـوالٍ سُكـارى. وأَفْعـالِ!
وما زِلْتُ حتَّى اليَوْم أُصْغي لِصَبْوَتي
وإِن كنْتُ لا أَلْقى لَدَيْها سوى الآلِ!
ولو جَرَفَتْني لِلْحَضيض لما ارْعَـوَتْ
ولو كبَّلَتْني مِـن قَذاهـا بِأَغـلالِ!
فحّتَّى متى أنْسـاقُ للإثْـمِ خَلْفهـا
ولِلْعارِ يُشْفيني لَدى الصَّحْبِ والألِ؟!
أَبِيتُ بِهَمٍّ في لَيالِيَّ مُعْضِلٍ
وأَصْحُو على خِزْيٍ يُجَلِّلُ سِربـالي!
ويَحْسَبُني صَحْبي النَّقِيَّ مـن الخـنى
فَأَبْكي بِسِرِّي مِن حَقـارَة أَعمـالي!
أَأَبْدُو أنا المِفْضال في أَعْيُـنِ الـورى
وما كنْتُ يَوْماً في الخَفاءِ بِمِفْضالِ؟!
يعَفُّ السَّـراةُ النَّابِهُـونَ وَأنْطَـوِي
على نَفسِ مَوْتُورٍ مِن الطُّهْرِ مُغْتالٍ؟!
ويُسْدُونَ آياتٍ من الخَيْـرِ والنَّـدى
إلى النَّاسِ تَطْوِي كُلَّ ضِيقٍ وإقْـلالِ!
وأُسْدِي . وما أُغْضِي إِليْهِمْ جَوارِحاً
تُخَدِّشُ مِن شَوْكٍ. عَتِيٍّ ومن ضـالِ!
تباركْتَ رَبِّي. إنَّني مَتَطَلِّعٌ
إلى مَجْدِكَ، السَّامي.. إلى عَطْفِكَ الغالي!
لعلِّي أنالُ الصَّفْحَ منـك واسْتـوِي
على الدرب لا المُسْتَرِيبِ. ولا القالي!
أسِيرُ بـه مُسْتَيْقِنـاً غَيْـرَ صـادِفٍ
عن الرُّشْدِ في حِلِّي الأمين.. وتَرْحالي!
وقال أُصَيْحابي وقد شَفَّني السُّـرى
إِلى غايةٍ شمَّـاءَ في الأُفُـقِ العـالي!
إلى غايةٍ لم تَحْـلُ يومـاُ لخاطـري
ولم يَسْتَطِبْها لا ضَميري. ولا بـالي!
ولم يَسْتَطِيبُوها – كَمِثْلي – فَعَطْعَطُوا
عَلَيَّ. وقالوا هل تَهيـمُ بأَطْـلالِ؟!
وكُنْتَ وكُنَّا من الفَرادِيسِ نَجْتَـني
بها الزَّهَرَ المِعْطارَ.. والثَّمَـرَ الحـالي!
لقد كُنْتَ في الدِّيبـاج تَخْطُـرُ في الحِمـى فكيـف تَبَدَّلْـتَ الحَرِيـرَ بأَسمـال؟!
فقلت لهـم كُفُّـوا المـلام فإنَّني..
تَباعَدْتُ عن نارِي فَلَسْتُ بها الصّالي!
تَحَوَّلْتُ عن تلكَ الحفائِـر للـذُّرى
فطابت بكوري بالمُقامِ وآصـالي..!
وما عُدْتُ بالـدَّنِّ المُعتَـق لاهِجـاً
ولا بفتاةٍ بَضَّةٍ ذاتِ خِلْخالِ!
فَما مِنْهما جَدْوى. ولا بِهِمـا غِنًـى
وما اخْتَلَبا إلاَّ مَعاشِرَ جُهَّالِ!
ولكنَّني أصبو لِمَجْدٍ مُؤَثَّلٍ
على قِمَمٍ لا تَصْطَفي غَيْـرَ رِئْبـالِ!
وغَادَرْتُهُمْ مُسْتَوْحِياً مـن زَهـادَتي
ِبما كانَ وحْياً فيـه طبِّـي وإبْـلالي!
وكم من ضَلالٍ في الحيـاةِ يُذيِقُنـا
أُجاجاً.. فَيخْلُو في اللَّهاةِ كسَلْسالِ!
ولكنَّه يُذْوِي النُّهى ويُذيبُها
فيا رُبَّ مَعْسولٍ مِن العَيْشِ. قَتَّـالِ!
وقد ينتهي بالنَّهْـرِ جـاش نَمِـيرُهُ
وأَرْوى. فما يُبْقِي به غَيْرَ أَوْشـالِ!
* * *
أَرى من حَيـاتي عِبْـرَةً أَسْتَعِيدُهـا
فأُجْفِلُ من سَوْءاتِها شَـرَّ إِجْفـالِ!
وأَطْوِي على جَمْرٍ ضُلُوعاً مَهِيضـةً
تَئِنُّ بآلامٍ . وتَشْقى بآمالِ!
وأَعْقُـدُ عَزْمـي أَنَّني لـن أُثيرَهـا
فَحَسْبي رَزايايَ الجِسـام. وبَلْبـالي!
ولكنَّها السَّوْطُ الذي يُلْهبُ الحَشـا
ويَجْلِدُني جَلْـداً يُمَـزِّقُ أَوْصـالي!
ويُلْهِمُني رُشْدي وقد عِشْتُ طائِشـاً
ويصرفني عن حَمأَةِ الزَّمَنِ الخـالي!
لقد عاد إِيلامي عَلَيَّ بِلَذَّةٍ
وأَخْصَبَني – يا للغرابةِ – إِمْحـالي!
تَمَجَّدْتَ كم مِن نِعْمَةٍ بَعْـد نِقْمَـةٍ
أَطَلَّتْ. وكم من عِزةٍ بَعْـدَ إِذْلالِ!
جدة/ 4/6/1412هـ
10/12/1991م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :554  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 13 من 174
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج