شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الشاعر كبيروقراطي
حدّثني الأخ يوسف أحمد الشيراوي عن أخيه "الفنان" غازي عبد الرحمن القصيبي، وما جرى بينه وبين أخيه الأديب والشاعر عبد الله بن خميس، وقال:
من منّا لا يتذكّر فترة ارتفاع أسعار النفط في منتصف السبعينات وقيام المنطقة العربية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية بإنشاء بنية أساسية لانطلاقة تنموية وحضارية جبارة؟! وكان أن اعتمدت المملكة العربية السعودية مخطّطات شاملة لمثل هذه البنية تضمّنت بناء أسسها ومرافقها ضمن مدة زمنية لا تتجاوز العشر سنوات، لما تحتاجه الدول الخرى من مدّة لا تقلّ عن الأربعين سنة على المستوى العالمي.
وكان من الطبيعي لهذا الجري المتسارع أن يؤدي إلى كثير من الاختناقات في ميدان المقاولات والاتفاقيات وإعداد الدراسات والمواصفات، ناهيكم عن التنفيذ والتسليم والتشغيل.
كان لأخي أبي سهيل دور كبير في هذه الانطلاقات والعمليات، وبالتالي وكما نتوقّع في مثل هذا الزخم، سقط عليه الكثير من الملامات والمعاتبات والشكاوى عن أي تلكّؤ في العمل أو خطأ في التنفيذ.
كان ممن أصابهم بعض شظايا هذه التفجّرات، أخونا الشاعر والأديب المرموق عبد الله بن خميس الذي كانت له مزرعة في مكان ناء ناشز عن خطوط مدّ القوة الكهربائية. وقد وصفها غازي القصيبي خير وصف بكونها "عمارية وسط الفيافي"، على حدّ قوله. فلم تحصل الاستجابة السريعة لطلب الشعراء والأدباء، ونمّق قصيدة شكوى وعتاب بعث بها إلى صديقه المسؤول، يؤسفني ألا تكون القصيدة في يديّ الآن، ولكنني ما زلت أتذكّر رد القصيبي عليها في قصيدة طويلة، منها هذه الأبيات:
يؤرقني النظـام وكنت تشقـى
به قبل التفرّغ للقطاف
فبالتصميم نبدأ ثم تاتي
مناقصة وفتح للغلاف
ويعقب ذاك تقييم طويل
وقد يتلوه تقييم إضافي
فهذا العرض فـجّ غـير كـاف
وهـذا العـرض غثّ غير وافي
وذاك العرض جـاء بـلا ضمان
وذاك العرض "ذو سعـر جزافي"
فترسية وأبلاغ وعقد
وتوقيع علـى بيـض الصحافِ
وتسليم المواقع في الصحاري
على ما في ذاك من سوء الخلافِ
إنها أبيات تكشف في وصفها الكاريكاتيري الظريف لدينا البيروقراطية العالمية، عن شخصية القصيبي كفنان ساخر أصيل، وهو ما غاب عن انتباه معظم من كتب عنه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :403  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 52 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.