شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
  • بدأت الثنينية البث المباشر لفعالياتها بتاريخ 29-12-2014 مواكبة للتطور التكنولوجي
  • لمتابعة البث المباشر يمكنكم زيارة قناتنا على اليوتيوب أو متابعة الموقع الرسمي للاثنينية أثناء الفعاليات
  • تتوقف "الاثنينية" لموعد يحدد فيما بعد.
  • تعاود الأثنينية نشاطها في وقت لاحق بعد الانتهاء من الأعداد و التنسيق
  • الأن يمكنكم مطالعة و تحميل الجزء ال 31 من سلسلة كتب الاثنينية على الموقع
  • تم الانتهاء من الموقع الاليكتروني الحديث للاثنينية بما يتوافق مع العالم الافتراضي الحديث, نرجو ابداء الرأي في الموقع الجديد و التصميم الحالي عن طريق الاستبيان
  • يوجد في الموقع أكثر من 33 ألف صورة توثيقية لحفلات الاثنينية على مدار 33 عام , تابع ألبوم الصور
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المقـَدّمَة
"في البدء كانت الكلمة" نهراً يتدفَّق رواء وخضراء وحياة. بحراً يفيض ثراءً وأحلاماً لا نهائية. وشمساً تدفئ العقول بـ "المعرفة".. والقلوب بـ "الذكرى".. والوعي بـ "الحقيقة".. : مطلب الإِنسان ومبتغاه.
ومع البداية الأولى.. كان العشق لها... والحب لأصحابها يختلط بأيامي وسنوات طفولتي الباكرة: فمن جلسات الصباح التي كان يلتقي فيها نخبة من كتّاب وشعراء وأدباء الوطن في مكتب والدي "محمد سعيد عبد المقصود خوجه" - رحمه الله - رئيس تحرير أول صحيفة صدرت في عهد مؤسس المملكة وموحِّدها "الملك عبد العزيز – رحمة الله – ".. إلى تلك الأمسيات الباذخة والزاخرة التي كان يعقدها والدي – يرحمه الله – على ضفاف مواسم الحج من كل عام في الليلة الثانية من ليالي عيد الأضحى المبارك على شرف أدباء وكتّاب وشعراء ومفكِّري العَالميَن العربي والإِسلامي.. كان الحب على امتدادها يتجذَّر.. وكان العشق على امدائها يستطيل سنديانات وأشجار سرو.. وكان الفؤاد الصغير يتوه بين ما يسمعه ولا يفهمه. وبين القليل الذي يفهمه كلمات ويجهله معاني.. وبين ما لا يفهمه ولا يعيه أصلاً. لكن البهجة كانت تغمر القلب الصغير، دافئة ودائمة وغير مبررة.
ثم انطوت تلك الصباحات المشرقة والأمسيات الوضيئة – على قُصرها - بعد أن عاجلت والدي أقداره ليلحق بربه وهو في ريعان شبابه وفتوة رجولته.. فانطفأت بانطفائه تلك الصباحات والأمسيات ليزدحم الفؤاد الصغير بالأحزان. ثم توالت بي الأيام.. والليالي.. تدفعني سعياً وأدفعهاعملاً.. تستفزُّني وأستفزُّها. ولكن صورة والدي وتلك الصباحات المشرقة والأمسيات الوضّاءة ما كانت لتغيب عن قلبي وعقلي إلاَّ لتشرق من جديد تذكِّرني وتناديني بحنين العودة إليها.. فلم يمت الحب الذي وُلد.. ولم ينطوِ العشق الذي تنفَّسته في بواكير أيامي.. بل ظلاَّ يحتفظان بوهجيهما تحت رماد الليالي والسنين، فإذا صرفتني ظروفي وأعمالي عن أكون ذلك الكاتب المحترف أو الأديب المتفرِّغ الذي يتنفَّس حبه للكلمة.. ويمارس عشقه لشدوها وهو يطالع الناس بنتاجه دوماً أو بين حين وحين.. فإنني أحمد الله على أنَّ ظروفي وأعمالي لم تصرفني عن أن أكون أحد أولئك القرّاء المتابعين والمتلهِّفين لكل جديد جيِّد من الكلمات والأفكار والأعمال.. ممن لا يشعرون بالشبع من الكلمة ولا يحسّون بالجوع معها. لكأن القراءة قد غدت سبيل وصالي الباقي مع من أحببت.. ومع من عشقت.
وعندما دار الزمن دورته واستقرَّت بي أيامي في "جدة".. مدينة الوسط الثقافي – على حد وصف أحد المثقَّفين لها – احتواني الماضي مجدداً.. وتدفَّق الحب الذي لم يمُت، والعشق الذي لم ينطوِ شلالين من الرغبة والعزيمة ونور الحب وسناه ليلهماني خطوتي وحيرتي وترَدُّدي.. فكان لقاء الاثنين سرعان ما سمَّته الصحافة "الاثنينية".. وأخذَتْ في تداوله منذ أول لقائاته في الثاني والعشرين من شهر محرم لعام الف وأربعمائة وثلاث للهجرة (8 نوفمبر 1982م)، فلم تكن الفكرة إذاً شخصية بقدر ما كانت استلهماً لتلك الصباحات والأمسيات.. وتجاوباً مع ذلك الحب.. وتلاقياً مع ذلك العشق.. ومحاولة لاسترجاع مشاعر البهجة التي كانت تغمرني صغيراً ولا أدري أسبابها، ثم أحتفاءاًً واحتفالاً بأولئك الذين غدوا عبر دورة الزمان رموزاً ومشاعل على دروب الأدب والفكر.. وأشجاراً باسقة ظليلة في حياتنا الثقافية، جديرة بالالتفات والالتفاف حولها وعناق عطائها.
تواصلت "الاثنينية" بين سعادتي بنجاحها ودهشتي النشوى بتزايد حضورها المتفاوت الأجيال والأعمار.. تواصلت لتجاوب ضيوفها.. ودعم وحماسة روّادها.. أسبوعاً بعد أسبوع.. وشهراً بعد شهر، ثم غدت وكأنها جزء من طقس الحياة الثقافية وليلها البهيج ينتظم انعقادها العام تلو العام، بادئة مع مطلع الشتاء ومنتهية مع أواخر الربيع من كل عام دون تدبير أو ترتيب مسبق محكم.. فقد أصبحت لها آليتها المستمدَّة من إسهامات ضيوفها ومشاركات ومداخلات جمهور حضورها.
ومع توالي الأسابيع والشهور والأعوام.. كانت "الاثنينية" تدخل من حيث أريد ولا أريد دائرة الصالونات الأدبية.. إلاَّ أنها كانت صالوناً مختلفاً في "مبناه" و "معناه" عن بقية الصوالين الأدبية المعروفة.. فلم يقم مبناها على المناقشات المفتوحة لحضورها من الأدباء والمفكرين والشعراء والكّتاب والصحفيين أو سياحتهم حول العديد من الموضوعات الأدبية المتفرقة.. ولكنه قام على إطار الاحتفاء والاحتفال بواحد من طلائع تلك الشخصيات الأدبية المعاصرة التي أسهمت بجهد بارز في الحياة الأدبية.. وكان لها عطاؤها الباقي وكان لها رصيدها من التجارب الجديرة بالاسترجاع والتأمُّل بل وتناقلها من جيل لجيل، كما أنه لم يقم معناها على إحياء ذكر صاحبها.. بقدر ما قام على الاحتفاء بذكر ضيوفها وجهادهم: إكباراً لهم ووفاءاً لجهودهم واعتزازاً بعطائهم الذي مهَّد الطريق وبدَّد ظلماته أمام نهضتنا الأدبية والثقافية المعاصرة، فلولا جيل الكبار.. وتجاربهم: لما كانت تباشير هذه النهضة الأدبية الثقافية التي نعيش أجواءها.
لقد أثرى – دون شك – ضيوف "الاثنينية" لياليها: بآدابهم وثقافتهم.. بعلمهم وخلقهم ومواقفهم ومكنونات تجاربهم المثيرة للفضول وللسؤال وللحوار.. وكان تواصل الحاضرين معهم بالتعقيب والاستيضاح والمداخلات تكثيفاً للمتعة وتعميقاً لنغم الاستماع بتلك الأمسيات.
ثم خرجت "الاثنينية" من دائرتها الإِقليمية.. إلى محيطها العربي والإِسلامي عندما قُدِّر لها أن تستضيف عدداً من مفكِّري وأدباء وشعراء وكتّاب العَالمَين العربي والإِسلامي، فكان خروجها إلى هذا المحيط الكبير إضافة لها وإثراء لطبيعتها وحلقة جديدة في عقد تميُّزها وترجيعاً للصدى الباقي في قلبي وعقلي لصباحات مكة وأمسيات "منى" التي كان يعقدها والدي في الليلة الثانية من ليالي عيد الأضحى، كما أسلفت، على شرف علماء وأدباء ومفكِّري العَالميَن العربي والإِسلامي.
لقد كانت حصيلة ليالي "الاثنينية" الطويلة والجميلة مع تلك المشاعل والرموز الأدبية – وغيرهم – كمّاً هائلاً راقياً من الأفكار والكلمات والتجارب الأدبية الملهمة تشكِّل في محتواها صفحات من التاريخ الأدبي غير المدوَّن الذي لم يَعرف به ولم يَسمع عنه كثيرون من المفكِّرون والأدباء والشعراء والكتّاب، فضلاً عن ناشئة الفكر وشداة الأدب من أجيال الشباب الماثلة والمتعاقبة، كما أنها تشكِّل في مبناها شهادة للتاريخ على عمر البدايات والتكوين الأدبي لهذا الوطن.. من الرجال الذين عاصروه وأسهموا فيه ثم حملوه في صدورهم وامتدَّ بهم العمر – حفظهم الله - حتى رووه للأجيال ليكون أمانة في يدها ووعياً في ضميرها، ولذلك ما كان يصحّ أن تُترك تلك الصفحات حبيسة أشرطة التسجيل، مع أنه كان ولا يزال من تقاليد "الاثنينية" أن تتيح لروّادها، بل ولغير روّادها، الحصول على نسخ من تسجيلاتها، ليكونوا على صلة واطِّلاع بحصيلتها وخدمة للتوثيق التاريخي فانبثقت فكرة طباعة "الاثنينيات" في أجزاء.. بترتيب تواريخ حدوثها.. من منطلق أنَّ التدوين يبقى أهم الوسائل – على كثرتها.. وتنوُّعها.. وشدة جاذبية بعضها – لحفظ الآثار الأدبية وتناقُلها وتداوُلها والأستفادة منها للباحثين والدّارسين والمهتمين بكتابة تاريخنا الأدبي – من القرن الرابع عشر الهجري إلى مطالع القرن الخامس عشر.
لقد حرصتُ، عند الأخذ بفكرة طباعة "الاثنينيات"، على أمرين:
الأول: أن استأذن من صاحب النص، - ضيف "الاثنينية" – في طباعته ونشره.
والثاني: أن أقدم له النص بعد تفريغه من أشرطة التسجيل.. ليقوم هو بمراجعته وتصويبه وتنقيحه.. وتوثيقه.
كما حرصت بعد ذلك على أمر لا يقلُّ أهمية عن سابقه، هو: وضع ترجمة تاريخية وأدبية كاملة لشخصية الضيف – صاحب النص – خدمة للهدف الذي نتوخّاه من طباعة ونشر تلك النصوص، ووضعها بين يدي الباحثين والدارسين وناشئة الفكر والأدب والمهتمين من القرّاء عامة.
ولا يسعني، وقد وجدت تجاوباً صادقاً وحميماً من ضيوف "الاثنينيات" لفكرة طباعتها ونشرها.. مشفوعاً بهذا الجهد السخي والملحوظ منهم والذي يتابعه قرّاء هذه الأجزاء.. إلاَّ أن أتوجه بالشكر والتقدير لهم.. لكل ما بذلوه من جهد وتجشَّموه من تعب وعناء. فهم، إلى جانب أنهم أصحاب هذه النصوص، فقد أجهدوا أنفسهم.. ولم يضنُّوا بأوقاتهم في سبيل تصحيحها وتنقيحها وتصويبها وتوثيق ما تقضي الضرورة بتوثيقه.. كما أتوجَّه في هذا الإِطار بشكر خاص لأستاذنا الدكتور صلاح الدين المنجد، العالم والأديب المعروف.. الذي تولّى مشكوراً مراجعه وتصويب وتوثيق ما جاء في نصوص "الاثنينيات" عامة وخاصة الذين لبّوا نداء ربهم قبل أن تنبثق وتتحقق فكرة طباعة "الاثنينيات".. ولقد كان للرأي الثاقب للأديب الكبير الأستاذ عبد العزيز الرفاعي والجهد المشكور للشاعر الرقيق الأستاذ أحمد سالم باعطب من إعادة مراجعة وتصحيح النصوص الأثر الكبير في إظهار هذا الكتاب بهذه الدرجة من الإِتقان والإِخراج الذي تتضاءل أمامه كلمات الشكر والتقدير والعرفان بالفضل. كما أخص بالشكر والتقدير الأديبين الكبيرين الأستاذين صالح محمد جمال وأحمد محمد جمال، على جهودهما المشتركة في طباعة بعض هذه الاثنينيات طباعة تجريبية، كان لها أكثر الأثر وأفضله في انتقاء الأسلوب الأمثل لطباعة الجزء الأول من "الاثنينيات".
ومع سعادتي بتقديم الجزء الأول من "الاثنينيات".. والذي يضم أربع عشرة اثنينية أقيمت خلال العام الأول من عمر الاثنينيات أي قبل ثماني سنوات.. فإن الأمل يزحمني بالتطلُّع إلى الوقت الذي تتواكب فيه طباعة "الاثنينيات" مع حدوثها عاماً بعام، ولا أظن أنْ يتحقق ذلك إلاَّ بطباعة جزأين من "الاثنينيات" في كل عام: جزء عن "اثنينيات" السنوات الثمان الماضية بترتيب حدوثها، والآخر عن "اثنينيات" العام ذاته.
وغني عن الإِيضاح أن أقول: إن ما تضمُّه هذه "الاثنينيات"، إنما هو تعبير عفوي من أصحابها، لا يحمل أي معنى توجيهي أو اختياري من قِبَلي، ولا يدل على وجهة نظري فيما تطرَّقوا إليه، إنما تحمل النصوص أفكار أصحابها، بغضِّ النظر عن اتفاقي مع هذه الأفكار، أو اختلافي.
كما هو غني عن البيان، أن من تقاليد "الاثنينية" أن تعطي المعلِّقين حرية التعليق والتعقيب لتتلاحق الأفكار، فالحوار الصحيح كالزند الذي يورى ليشعل الضوء.
وأمر آخر يهمُّني إيضاحه أيضا، هو أن ترتيب صدور هذه السلسلة عن حلقات "الاثنينية"، لا يعكس البتة شيئاً من معاني الترتيب لمقام اصحابها، أو أولياتهم من حيث المكانة العلمية والأدبية.. وإنما هو ترتيب اقتضته ظروف الزمان.. أو التلاحق مما سبق أن ألمحت إليه.
ومتى تلاحقت حلقات هذه السلسلة، فسيعلم المتتبِّعون لها، أن "الاثنينية" لم تكن وقفاً على فئة معيَّنة من قادة الفكر أو الرجال البارزين في المجتمع والحياة العامة بل لقد فتحت بابها على مصراعيه للأدباء والشعراء والعلماء، والمفكِّرين، والفنانين، والنابغين والبارزين في أي حقل من حقول الحياة رأته جديراً بالتكريم.
وبودي أن أؤكد حقيقة كبرى وألحّ عليها، هي أن هذه "الاثنينية"، لا هدف لها إلاَّ العمل على تكريم رجال لهم مكانتهم في المجتمع، على مختلف حقوله..
وهذا التكريم ليس له من هدف إلاَّ معناه فحسب.. واللهَ أسأل أن يمدنا بالعون والتوفيق لاستكمال هذه المهمة.
وبعد..؟
في البدء كانت الكلمة..
وفي المنتهى تبقى الكلمة.. ذلك النهر الخالد الذي يمضي من زمن لزمن.. ومن جيل لجيل.. ومن أرض لأرض يزرعها ويوقد شموع أحلامها.
عَبد المقصُود محمّد سَعيد خوجَه.
جدة: 1/3/1410هجرية
طباعة تحميل
 القراءات :3745  التعليقات :0
 

صفحة 1 من 126
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .