شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الأديب والناقد الدكتور سعيد السريحي ))
- السلام عليكم ورحمة الله.. وأسعد الله مساءكم.
الطريق إلى أنيس منصور مسكون بالمجازفة والفتنة ليس لك أن تطمئن وأنت توغل السير في مجاهله من أن لا ينفجر تحت قدميك حقل مفروش بالشوك نصبه الغاضبون عليه على أنه ليس عليك أن تيأس من أن ترصع قميصك نجميات ملونة يرشقه بها المحبون له. أنيس منصور كاتب إشكالي، لك أن تحبه لأنه يستحق منك الحب والتقدير وإن لم تفعل فإنك لن تكون نشازاً إذ ستجد قائمة ممن يحملون لك في صدورهم شيئاً آخر غير الحب، وأزعم أن أنيس منصور لا يهمه شيء من ذلك إذ لم يضف له المحبون شيئاً ولم ينقصه الكارهون شيئاً وظل في كل أحواله كمدينة نيويورك التي قال عنها مرة أنها المدينة التي تخرج لسانها للعالم.
 
ليس بوسعك أن تلقي القبض على أنيس منصور متلبساً بقضية أو مهموماً بمسألة كما أنه ليس بوسعك أن تضعه في تصنيف ثم تطمئن إلى ما فعلت وتنام قرير العين، رحالة يخطف أنفاسك في رحلة حول العالم فيريك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ويخرج لك من قبعته حمائم الدهشة، فإذا أفقت لم تجد غير آثار قدميك تدور وحيداً في سجنك وترقص مع خيالك السامبا وجيرانك يقلبون أيديهم حزناً على رجل سحره كتاب.
 
فيلسوف في كتاباته تتواثب الوجودية والماركسية والوضعية والظاهراتية وما إلى ذلك ويجلس على مائدته سارتر، ياسبر، ادجار، ماركس، فإذا حاولت أن تشاركهم الحديث اختفوا جميعاً ووجدت نفسك وحيداً على الطاولة والنادل يعجب منك تطلب سبعة فناجين من القهوة لطاولة لا يشاركك فيها غير وهمك.
 
شاعر.. تتأنق جمله شعراً، في كتبه يصعد أقوام إلى السماء، يهبط آخرون إلى الأرض، يكتب التاريخ أنياب وأظافر، يصبح العلم عنده عندئذ ضرباً من المراوغة للعلم يرق حتى لا يكاد يحيط به عقل، ويدق حتى لا يحاصره منطق فيرى قوماً أن العلم خف وقاره ويرى آخرون أن كاتبنا نزع عن العلم وقاراً مصطنعاً ويرى آخرون أن طريقاً للعلم لم تعبد تمد أسفلتها فوق إسفلت الحروف.
 
ضاق عنه رداء الجامعة، فخرج إلى ردهة الصحافة، وحين أحس أن بوابتها لا تتسع له افترع لنفسه طريقاً خاصاً كان فيه الكاتب والصحفي والمفكر والفيلسوف والأديب وقائمة طويلة طويلة طويلة تضيق به ويضيق بها ويظل أنيس منصور هو كل ذلك ويظل غير ذلك كله. وفي كل الأحوال يظل أنيس منصور هو أنيس منصور، ولذلك كله كان كاتباً إشكالياً وكان إنساناً إشكالياً، لذلك كله يحبه الذين يجدون عنده كل شيء ويخالفه الذين لا يجدون عنده شيئاً، هكذا هو أنيس منصور يحبه من يحبه ولا يحبه من لا يحبه وفي كلا الحالين يظل كمدينة نيويورك يخرج لسانه للجميع ويقرأه الجميع كذلك.
شكراً جزيلاً.
عريف الحفل:
أيها السادة: ولأمين سر نادي جدة الثقافي والأدبي سعادة الأستاذ محمد علي قدس هذه الكلمة:
 
طباعة

تعليق

 القراءات :535  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 56 من 81
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.