شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة المحتفي ))
افتتح سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه الأمسية بالكلمة التالية:
أحمدك اللَّهم كما ينبغي لجلال وجهك، وأصلّي وأسلم على خير خلقك، حبيبك وصفيك، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الكرام الطاهرين.
الأحبة الأفاضل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ويسعدني أن أرحّب باسمكم بضيفنا الكبير الأديب الشاعر الناقد الأستاذ الدكتور راضي صدوق.. وصحبه الكرام.. وعلى رأسهم أستاذنا الكبير الشيخ عثمان بن ناصر الصالح، ومعالي الأخ الفريق الأديب يحيى المُعَلِّمي، والأستاذ الدبلوماسي عبد الرحيم الحايك، نائب سفير دولة فلسطين بالرياض.. الذين تجَشَّموا مشكورين عناء السفر من الرياض، ليسعدُونا بهذه السُّويعات الماتعة، ويشرفونا بصحبتهم الماجدة، لننهل من فَيْض عِلمهم، وكريم خلالهم، ونَمْتَح من تجاربهم التي ستظلُّ عالقة بوجداننا دهراً طويلاً.
أيها الأحبة: لقد عَرجتُ على مكتبتي كالعادة، مثل أي تلميذ نجيب، لأنقب عن بعض نتاج ضيفنا الكبير، والذي سَعِدتُ بالتعرف عليه قبل بضع سنين، وقَرَأتُه من قبل عبر كثير من الصحف والمجلات، ولكن هالني أنني لم أجد غير سِفْر واحد من تأليفه.. وقد أكدت لي هذه الفجوة الهُوَّةَ السحيقة التي تفصل بين مثقفي الدول العربية، ولعل ضيفنا الكريم قد عانى شخصياً من شُحِ التواصل في طريق الأدب والفكر، حيث ذكر في مقدمة كتابه الموسوعي القيم "ديوان الشعر العربي في القرن العشرين" طرفاً من المعاناة الكبيرة التي قابلها في سبيل جَمْعِ مادة الكتاب، واسمحوا لي أيها الأحبة أن أنقل إليكم فقرة صغيرة مما جاء في تلك المقدمة حيث يقول: "وفي نهاية المطاف رأيت أن أشرك السفارات العربية والملحقين الثقافيين بها في أداء الواجب إزاء الأدب في بُلدانهم، فاتَّصلت ببعضِ السادة السفراء وكتبتُ رسائل لبعضهم الآخر، بُغْيَة الحصول على بعض المراجع حول الحركة الشعرية في بلدانهم، ثم عدت إلى نفسي مُوطداً العَزْم على مضاعفة الجهد ومواصلة البحث والتنقيب، معتمداً على الذات، مستمداً القوة من الله عز وجل". والجدير بالذكر أنه قد أشار في الحاشية إلى أن أربعة سفراء فقط قد استجابوا لندائه، ومن بينهم من أفاده بأنه قد تم تحويل طلبه إلى الجهات المختصة للتعامل معه، وطبعاً لم يتم شيء بعد ذلك.. فما كان منه إلا أن وَطَّدَ العزم على الاعتمادِ على الذات.
وأود أن أهمس في أذن ضيفنا الكريم قائلاً: كلنا يا صديقي في الهم شرق.. فقد عانيتُ شخصياً نفس المأزق، وشَربتُ من ذات الكأس، حين كتبت للأخوة القناصل مستنجداً وطالباً تزويدي بأسماء بعض الأدباء والشعراء والمبدعين في بلادهم ممن يرون تكريمهم ضمن فعاليات "الاثنينية"، ومضى على طلبي المتواضع عدة سنوات، وما زلت انتظر الإجابة.
من خلال عنق الزجاجة الذي لمستموه واضحاً في معاناةِ الضيف، وهو يستهل عَملاً موسُوعياً لتزويد المكتبة العربية بواحد من أفضل ما يمكن أن يحصل عليه باحث ودارس بِشَأن شُعراء العربية في القرن العشرين، يمكنكم تصوُر كميّة الصبر التي تجرّعها، وهو يَنحتُ في الصَّخر، ليصل إلى معلومة موثقة عن شاعر أصيل، غير أنه مغمور، لم يَسمَع به كبارُ المثقفين، إما لأنه لا يجيدُ التَّزلف، أو لأنه ينأى عن الأضواء، أو لأن الإعلام في بلده ضعيف، أو لعشرات الأسباب التي يمكن سياقُها لتبرير الظلم الذي يحيق يومياً بالمبدعين، الذين تركوا الساحة لمن استْمرءُوا البقاء فيها متكئين على عكازي الشهرة والمجد الغابر.. ولعل نفراً من الذين نَفَضَ عنهم ضيفُنا غبار النَّسيان، آثروا الانزواء في كُهوف الغبن، ولسانُ حالهم يردد قول خليل مطران:
فغدَوتُ لم أَنْعَمْ كذِي جهـلِ ولــم
أغَنَمْ كـذي عـقلِ ضمـان بَقـَاءِ
هذا هو حال الكثيرين ممن نقب عنهم ضيفنا الكبير بجرأة لا تضاهى، وأعطى من وقته وجهده الشيء الكثير لينصفهم للتاريخ والأجيال القادمة، ورغم القليل الذي أضاء به بعض جوانب هؤلاء المبدعين، فإنني أجزم بأحقيته في أن نحييه على شجاعته في التَّصدي لعمل عَجزت عنه المؤُسَّسات المختصة في مثل هذه النواحي، وَنأتْ عنه المراكز التي تستأثرُ بالإمكانيات والميزانيات، مُؤثرة السلامة، والنومَ على وسادة الأحلام الوردية، ولا أعلم أين نحن من ممالك دور النشر التي نسمع أعذارها فنعذُرها، ونتطلع إلى إجاباتها فنرى أمامنا علامات استفهام كبرى تحتاج إلى إجابات وليست إجابة على كل منها؟
بهذا نقف أيها الأحبة أمام النسيج الذي يُشَكِّل جزءاً من الحياة الأدبية والفكرية لضيفنا الكبير، فهو لم يَشأْ أن يجعل من قضيته عربة تَجُرها جياد غيره، بل واجَهَهَا بكفاح مريرٍ وصبرٍ عنيد لكي يكون سنداً وعُضداً لمن يقف في الظل حائراً أمام سَطْوِة ذوي الشهرة.. وحتى الشعراء الذين طَوَاهم الرَّدَى، لم يبخل عليهم بالوفاء الذي لم يجدوه من أقرب الناس إليهم، عندما كانوا مِلْء السمع والبصر، فَجَاء كتابهُ الموسوعي بَرداً وسلاماً على هؤلاء الشعراء الذين ترجم لهم ابتداء من بداية العام 1900 م وحتى تاريخ نشر كتابه عن طريق دار الكَرْمة في روما عام 1994 م.
هنيئاً لضيفنا الكريم بما قدم وأنجز، والتحية له مقرونة بالإعزاز والاعتزاز بعمل كبير كهذا، نتمنى أن نرى بقية أجزائِه، إذ تضم الموسوعة حوالي خمسة آلاف صفحة، وقد تزيد إذا تيسرت للأستاذِ الدكتورِ الباحث المعلومات اللازمةُ للتوثيق والتحليل والنَّقْد الموضُوعي الذي اتبعه لتصنيف الشعراء ممن ضمتهم هذه الموسوعة.
أتمنى لكم أيها الأحبة وقتاً ممتعاً مع ضيفنا الكبير وصحبِه الكرام، سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا بهم دائماً على طريق الكلمة النَّقية الطاهرةِ الخاليةِ من الغرض والمرض.. وعلى أمل أن نلتقي في أمسيتنا القادمة مع معالي الأستاذ الدكتور أحمد الضبيب، مدير جامعة الملك سعود سابقاً، ليتحفنا بشيء من ذكرياتهِ وتجاربهِ وعطائه الثَّر في خدمة الوطن والعلم والعلماء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1281  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 19 من 146
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .