شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بواعث الشِّعر هي بواعث الغناء
هذا الكلام مبدأ، أو محاولة لتبسيط فكرة التفريق بين المتحدث بالكلام المرسل ومطلبه الإفصاح، والخطيب وهدفه التأثير والاستهواء، والكاتب وغايته ترسيخ الفكرة، وتأسيسها، والشاعر ويستهدف ما شاء في حياة الفكر، والخيال، والشعور، وحركة النفس، وخلجاتها، واستجاباتها، وحقائقها وأوهامها.. أو في حياة الواقع، والقانون، والمنطق، والقاعدة، والعمل، والتكوين، والرأي، والعقيدة؛ ولكن من هذا السبيل، وبهذا الأسلوب.. سبيل الجمال، وأسلوبه الخاص.
بهذا التفريق -إن كان معقولاً- تتفاوت مراتب الكلام، حديثاً مرسلاً، وصناعة حديث، وكتابة أديب، وشعراً.
والشعر؛ على ما يبدو أنه الصحيح؛ كلام وصناعة وفن.. ولكنه في كل صورة من هذه الصور؛ الترف الحافل بمعاني القدرة المعبرة، وذخائرها النفيسة؛ في أبهى الحلل والأثواب، حتى بساطته -وهي من أسمى صفاته وغاياته- إنما تكون ترف البساطة الفنية بالمذخورات، لا فقرها العاري أو المتكلِّف.
إن بواعث الشعر -فكرية كانت أو نفسية- هي بواعث الحياة ذاتها وانفعالاتها.. ومعانيه، وخيالاته، وصوره هي التي تجول في كل نفس، وفكر.. غامضة مكبوحة، أو واضحة طليقة.. وباهتة أو لامعة.
والكلام هو وسيلة لتصويرها، والتعبير عنها، أو هو مادة بنائها، فلا جرم إذا كانت ديباجة الشاعر وأسلوبه قوة وضعفاً وانطفاءً ونصوعاً وصحة واعتلالاً؛ هي الدلالة والفارق والمقياس وميزان الحكم على قدرة الصناعة وحذقها وأهبتها، واكتمال أدواتها.
وندير الكلام على طريقة أخرى؛ فنقول: إن بواعث الشعر هي بواعث الغناء في كل نفس إنسانية. ونظن الأمر في هذه الفكرة من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى دليل، أو موازنة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :685  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 48 من 71
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.