شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
هل نهيئ البلاد العربية لصراع القوى؟
لا أعرف مجالاً صال فيه العرب في عهدهم الأخير مثل ما صالوا في مجال فلسطين.
ولكن إلى أي حد استطاعت فلسطين أن تستفيد من صولاتهم؟ أخشى أن أقول إن ما أفاده العرب لأنفسهم من فلسطين أكبر بكثير ممّا كان مقدراً لفلسطين أن تناله منهم!
فهم لا يكادون يختلفون، أو يشتد النزاع بينهم، وتتوتر العلاقات حتى ينادي بينهم منادي "فلسطين" ليجتمعوا ويتصافحوا ويتقابلوا في بعض الأمور أو جلّها، وقد ينجحون إلاّ في أمر فلسطين الذي يظل مجالها في مكانه كمعرض دائم صالح للجولات والصولات لا أكثر.
قد يقال إننا وقد اجتمعنا على تحويل روافد الأردن بدأنا نخطو عملياً أهم خطواتنا في سبيل فلسطين، وهي خطوة لا أشك في أنها ستكون موفقة إلى حد بعيد إذا أعددنا عدتها صادقين لدعمها، وإلاّ فالويل لبلادنا إذا نحن اكتفينا بها كدعوة لصولاتنا ومجالاً لا أكثر نستعرض فيه عضلاتنا.
تُرى هل أدخلنا في حسابنا أن المغتصبين ربما جعلوا من موضوع التحويل مبرراً يتذرعون به لشن هجمات عدوانية جديدة على أراضينا المتاخمة، وأن مثل هذه الهجمات ربما تكررت فاضطرتنا أو إياهم إلى اشتباك جاد قابل للزحف والتوسع.
قد يُقال إننا نرحب بهذا ولا يعجزنا أن نجعلها فرصة العمر نجلي بها العصابة المغتصبة.. ولكن أهذا هو كل شيء؟؟
أنا لا يحلو لي أن أرتاب في كفاءة المعنيين بهذا من أبطال العرب ولكن خيالي يتسع إلى فروض أغنى لو نُعنى بدراستها عناية واسعة.
نحن نشهد أن عالمنا اليوم تتطفل على اقتسام نفوذه قوتان متصارعتان، وتعرف في الوقت نفسه أن مغتصبي أراضينا يستندون إلى إحدى القوتين استناداً لا يوصف بما تستند إليه الدول المتحالفة من بنود.. يستندون إلى مَن يتبناهم ولا يتوانى لحظة واحدة عن تسخير جميع إمكانياته الجبارة لخدمتهم، بالإضافة إلى من يمالئه من كبريات الدول التي تحالفه.
فهل درسنا هذا التكتيك السياسي؟ وهل ضمنّا هذه القوة وبتنا متأكدين من حيادها لنأخذ فرصتنا كاملة ضد المغتصبين؟
يبدو أننا إذا استطعنا أن ننجح في عزل هذه القوة التي تتبنى خصومنا، وأن نضمن حياد جميع الممالئين من كبريات الدول المعروفة بممالأتها فقد خطونا إلى النصر من أوسع أبوابه.
قد يُقال إننا لا نأبه لقوة من تبناها أو مالأها ما دام في الطرف الآخر من العالم قوة تستطيع أن تستنجدها إذا جد أوان الجد.. ولكنه قول تترامى وراءه أفدح الأخطار وأهولها.
وهي أخطار رأينا نماذجها في كوريا وإفريقيا، ونرى مثلها اليوم في الدومينيك وفي فيتنام وما سيجد على منوالها في أقطار الأرض.
رأينا أقطاراً واسعة أبيحت ميادينها لصراع القوتين الهائلتين فأبادتا فيها معالم الحياة وأشعلتاها شواظاً التهم أهلها من اليمينيين أو اليساريين.
فهل نبيح بلادنا لمثل هذا الفناء الذي لا نضمن من نتائجه إلاّ الدمار الشامل أم يحسن بنا أن نسعى قبل كل إعداد إلى ما يضمن حياد الجبارين؟
إنها فكرة قد تبدو غريبة لصعوبة تنفيذها، ولكن الأصعب منها أن نستعجل أمورنا فنهيئ بلادنا لتكون مسرحاً لصراع القوى.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :597  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 5 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[صفحة في تاريخ الوطن: 2006]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج