شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك وأصلي وأسلم على خير خلقك حبيبك وصفيك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
السيدات الفضليات
الأساتذة الأكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يطيب لي أن أرحب بجمعكم الكريم في مستهل برنامجنا لهذا الموسم الذي يأتي امتداداً لإشراقات وجودكم الخيِّر ودعمكم المشكور خلال ربع قرن في رحاب الكلمة وبيادر التكريم التي اخضلَّت دروبها بألق مشاركتكم على مختلف المستويات.
قبل سنوات قليلة، وتحديداً بتاريخ 8/1/1422هـ الموافق 2/4/2001م احتفت اثنينيتكم بصدور صحيفة الوطن السعودية، وحيت من على البعد فارسها الذي طوَّع الـ (عسير) وجعل (الحزن) (سهلاً) بصلابته، وريادته، وإصراره على تجاوز كل الصعاب التي تعترض مثل هذا المشروع الكبير.. صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة عسير آنذاك، الذي أكرمنا المولى عزّ وجلّ بوجوده بيننا أميراً لمنطقة مكة المكرمة، ليأتي احتفاؤنا هذه الليلة تكريماً لجهود سموه الخيرة، ممثلة في امتداد عطائه بغرس خيِّر حيثما كان بتوفيق من الله وفضله.
في البدء نترحم جميعاً على فقيد الوطن الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن المسند، الذي شرفت اثنينيتكم بتكريمه بتاريخ 6/5/1410هـ الموافق 4/12/1989م، رحمه الله رحمة واسعة بقدر ما قدم لوطنه ومواطنيه، وأسكنه فسيح جنانه مع الصدِّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
سعداء أن نحتفي في هذه الأمسية بالأستاذ جمال أحمد خاشقجي، رئيس تحرير جريدة "الوطن".. فقد تحمّس لهذا المركب الخشن، كما كان مدخله لعالم الصحافة بصفة عامة خشناً ومرتبطاً بكثير من المواقف التي ركض خلالها بين صخب الحروب وتجهم المقاتلين في أكثر من ساحة ملتهبة عبر العالمين العربي والإسلامي.. لقد اشتد ساعده وهو يرسم عبر الكلمة تضاريس عالم يتشكل تحت وقع أزمات دولية معقدة وخيارات صعبة جعلت تحليلاته ودراساته وأفكاره مزيجاً من الدهشة والعمق.. فنختلف أو نتفق معه ولكن لا نملك إلاّ احترامه.
بطبيعة الحال يبقى الاختلاف حول أي كاتب هو القاعدة، فليس الفعل التوافقي أو تسطيح الحقائق ولَيِّ عنقها بحال من الأحوال هو الأرضية التي يقف عليها عشاق التميز والتفرد في أي عمل إبداعي، وفي المجال الصحفي بوجه خاص، لذا لم يأمن ضيفنا الكبير غوائل الاختلاف حول عطائه ما بين مادح وقادح، وإن كان هناك إفراط في كلا الاتجاهين.. غير أن القضية تتعلق دائماً بعصب المبادئ التي يتعلق بها كل إنسان.. فالحياة مبدأ.. وكل عمل يجعل من المبدأ أمراً ثانوياً يبقى في النهاية مبتوراً، ولا يرقى لمستوى مسؤولية التناول بأي شكل من الأشكال.
من هنا تأتي أهمية الاحتفاء بضيف أمسيتنا لأنه عرف معنى المبدأ واستخلص عِبر التاريخ ليقول كلمته ويمضي في طريقه، بغض النظر عن ردود الفعل التي قد تثير الاحتقان لدى طرف من الأطراف، فالمسألة أكبر من سهم يرمى من هنا، أو رذاذ قد يصيب بمكروه من هناك.. إنها مسألة رأي يجب أن يقال من أجل أهداف ومصالح عليا تشكّل النسيج الحي الذي يتفق حوله الجميع دون مزايدات أو التماس لعنتريات وبطولات زائفة.
هكذا عرفنا الأستاذ جمال خاشقجي سواء على سدة رئاسة التحرير، أو مستشاراً، أو كاتباً حراً.. ظل أبداً يخدم مبادئه وما يعتقد أنه الصواب وما فيه خير الوطن والمواطنين بتجرد تام، ودون وصاية على عقول المتلقين، ودون تصفية حسابات بالرغم من موقعه الحساس.. فهو قد لا يكون مصادماً بطبيعته، أو ليِّن العريكة وفق مشاربه، لكنه ظل باستمرار حامل رسالة لم يبخل عليها بجهده ووقته وحشاشة ذاته.. انطلق بها بين الملأ راكضاً أو متعثراً.. أحسبه لم يهتم لذلك كثيراً.. فهو يقف في كل الأحوال كنخلة باسقة.. وقد تلقى الكثير من الحجارة فما وهن وما استكان وما ضعف، كما تلقى الكثير من رشقات الفل والياسمين.. وفي كل الأحوال لم يجعل من صحيفته ملكية خاصة يسخِّرها ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات.. بل ظل دائماً الواثق في مقدراته وكفاءته، وعدالة القضايا التي يحللها ويعالجها ويعمل على رتق ما انفتق منها وفق مرئياته وآماله وتطلعاته في غد أفضل لأمته.
إن "الاثنينية" عندما تكرِّم الأستاذ جمال خاشقجي، فإنها لا تكرِّم شخصاً بعينه، لكنها تضع خطوطاً تحت ألق ما انفك يرسل إشعاعاته ورسائله لكل اتجاه دون خوف أو تردد في طرح ما يؤمن به.. فمثل هذه القيمة وحدها كفيلة بالوقوف عندها والشد على يدَي صاحبها في زمن اختل فيه كثير من القيم والموازين.. إن الشجاعة الأدبية في طرح الرأي والرأي الآخر تبدو مثل ثمرة طازجة في متناول الجميع، لكن التطبيق العملي ووضع الحسابات الدقيقة والنهائية يكشف بوضوح عن اختلاف حسابات الحقل والبيدر.. وترتسم الحيرة على وجوه كثيرة تتوه في الظلام بين غمز ولمز حتى تفقد السيطرة على خيوط القضايا التي كانت تمسكها وتحاول الإسهام في تحريكها.
إن مسألة الإرهاب التي أصبحت تقض مضجع العالم، خاصة في منطقتنا المضطربة والموعودة بمزيد من الاضطراب أصبحت تخصصاً لا يجيد الغوص فيه كل من أمسك قلماً.. ذلك أن تشابك الأمور وتعقيدات السياسة والاجتماع والاقتصاد قد جعلت الحليم حيرانَ في لجج من المؤامرات التي تحاك ليل نهار، وغيرها من الخطط المرسومة والتي يتم تسريبها عن قصد بين الملأ كبالونات اختبار لمعرفة طبيعة التربة التي يقترب منها آكلوا الكعكة.. فهم يتقدمون بحذر أو يندفعون كالسيل متى ما اكتملت المبررات والمعطيات التي تمكنهم من تحقيق مآربهم.. ولا شك أن الوقوف موقف مكتوف اليدين في مثل هذه الحالات يعتبر ضعفاً لا يليق بالمثقف العادي ناهيك عن صاحب رأي وبصيرة تقوده إلى الصفوف الأولى ليتبوأ مكاناً عليًّا في دنيا القلم والفكر مثل ضيفنا الكريم.
لقد ظل أستاذنا الخاشقجي وفياً لقلمه وعلاقته بالآخر.. ولم يفرِّط قط في مجمل القضايا التي ظل يحملها على كاهله طوال مسيرته الصحفية.. إن فضاء الكلمة قد أصبح أرحب من أي وقت مضى، فالإنترنت قد اختصر الزمن وألغى إلى حد كبير دور الرقيب المقيت، وكسر حاجز الصمت لدى كثيرين، ووفر هامش حرية لم يكن يحلم به أكثر المتفائلين جرأة وتوقاً إلى المستحيل.. ومع ذلك تبقى أمانة الكلمة الصادقة محكاً حقيقياً أمام حملة القلم الشرفاء.. إنها أمانة تئن منها الجبال وتروغ منها السماء وتنسحب من تحتها الأرض.. فمن لها غير أصحاب العقول المنفتحة نحو آفاق الحياة السوية التي تضرب صفحاً عن السوء والكلمة الموغلة في الخواء الفكري.. فالحرب على الإرهاب بعناصره المادية والبشرية يمكن حسمها ميدانياً على أرض الواقع كما يشهد على ذلك الإنجاز الكبير الذي حققته وزارة الداخلية، الأمر الذي لا ينكره إلا مغرض أو مكابر.. إلا أن اختراق العقلية الإرهابية والتغلغل في عمق الفكر الإرهابي واجتثاثه يحتاج إلى سنوات من المثابرة والمجاهدة التي ينبغي تجنيد كل قادر على خوض غمارها وصولاً إلى جزء مما تحقق في جانب الحسم العسكري، ولعلّ هذه الحقيقة تفسر لنا الهجوم الضاري الذي يتعرض له كل من يقاوم الفكر الإرهابي الظلامي أينما كان، باعتباره الركيزة الأخيرة التي يعتمد عليها الظلاميون لنشر أحقادهم وعقدهم وبثها في المجتمعات التي قد يلقيها حظها العاثر تحت سيطرتهم.. لذا ليس مستغرباً أن تنال السياط والرماح كل من يجرؤ على كشف الستار عن ممارسات الفكر الإرهابي الذي لا يتورع عن التخفي بين مختلف المسارات والأقنعة.
إن عطاء ضيفنا الكريم مهما كان متألقاً في جريدة الوطن فإنه لا يقلل من الجهود القيِّمة التي بذلها ذوو العزم والفضل الذين تعاقبوا على رئاسة تحرير هذه الصحيفة الغراء، فكلهم يمتلكون خبرات طيبة، قدموا عصارة أفكارهم وفضلهم وصحتهم لتستمر هذه الصحيفة في بناء صرحها لبنة بعد أخرى دون كلل أو ملل، فكل إنجاز تحقق يعود الفضل فيه بالتأكيد لعرق كثير سكبه السابقون.
أحيي مجدداً ضيفنا الكريم، وكم كان بودي أن أشرف بحضور هذا اللقاء الذي عملت على تهيئته منذ بواكير الصيف، إلا أن الظرف الصحي الذي أمر به حال دون ذلك، وعلى أمل أن أسعد بجمعكم الكريم في أمسيات قادمة وأنتم على خير ما أحب لكم.. فهذه اثنينيتكم كما أردد دائماً، الفضل فيها لكم وإليكم، وليس لي إلا المقعد الذي أقتعده بينكم، والخير إن شاء الله في زملائي رعاتها الأفاضل، فهم حملة مشعلها لتبقى نابضة بينكم، وتمشي بين الناس بالمحبة والتسامح، وفتح نوافذ الإخاء في كل الاتجاهات، وفق مبادئها التي لم تحد عنها قط، وهي كما تعلمون النأي عن الشأن السياسي، والديني، والمذهبي، والعرقي، وتصفية الحسابات.. فهنيئاً لنا بهم، ومرحباً بكم في دارتكم.. وعلى أمل أن نلتقي الأسبوع القادم لنحتفي بمعالي المهندس عادل محمد عبد القادر فقيه، أمين مدينة جدة، والتفاكر معه حول مختلف شؤون وشجون عروس البحر الأحمر.
والسلام عليكم ورحمة الله.
عريف الحفل: أيها السادة والسيدات كما تعلمون بعد أن أحيل المايكروفون لسعادة فارس الاثنينية وينتهي من كلمته التي ننتظرها جميعاً، سيفتح باب الحوار بيننا وبين سعادته، فمن لديه سؤال أو استفسار نرجو التكرم علينا بموافاتنا بهذا السؤال ونتمنى أن يكون سؤالاً واحداً لنعطي الفرصة لأكبر عدد من حضراتكم.
يسرني الآن أن أنقل لاقط الصوت إلى فارس هذه الليلة والذي نبتدئ بسعادته هذا الموسم، الأستاذ جمال أحمد حمزة خاشقجي فليتفضل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1112  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 5 من 255
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

صاحبة السمو الملكي الأميرة لولوة الفيصل بن عبد العزيز

نائبة رئيس مجلس مؤسسي ومجلس أمناء جامعة عفت، متحدثة رئيسية عن الجامعة، كما يشرف الحفل صاحب السمو الملكي الأمير عمرو الفيصل