شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
إبداعاته ومؤلفاته
ينقل أ.د. محمد بن سعد بن حسين رواية عن الشيخ محمود حافظ الذي حدّثه بأنه كانت ((لمحمد سعيد)) مكتبة ضخمة، كان مما حوته هذه المكتبة مذكراته ومخطوطاته وكانت مكتبة كبيرة الحجم، لكن هذه المذكرات والمخطوطات قد ضاعت فلم نعرف عنها شيئاً (1) .
بيد أنني أسطّر للتاريخ أن مكتبة الشيخ محمد سعيد الكبيرة قد جعلها ابنه البار الشيخ عبد المقصود خوجه حقيقة لا يُشك بأمرها أبداً. فلقد سعى حفظه الله إلى إخراج هذا الكنز الدفين من آثار والده، تمثّل ذلك في كل ما قدم من مساعدة لإخراج كتاب تهامة ((محمد سعيد عبد المقصود خوجه)) عام 1404هـ تأليف د. محمد بن سعد بن حسين الذي سطّر هذا الاعتراف بالفضل لذويه في نجاح هذا العمل وفي مقدمتهم الشيخ عبد المقصود محمد سعيد بن عبد المقصود خوجه نجل صاحبنا، على حد تعبير الدكتور محمد بن سعد بن حسين نفسه (2) . وظهرت هذه الإبداعات والمقالات والبحوث للشيخ الأديب محمد سعيد خوجه كذلك في الجهد العلمي المبارك الذي قام به الأديب الباحث الأستاذ حسين عاتق الغريبي في الكتاب الضخم الثمين ((الغربال)) (3) وهو قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه في 410 صفحة، نشره الابن البار بوالده الشيخ عبد المقصود خوجه عام 1420هـ في جدة، وكما يشيد النجل المبارك الشيخ عبد المقصود بأن الأعمال الأدبية التي خلفها السيد والده رحمه الله ((ومثلها أعمال عدد من أبناء جيله أصبحت إرثاً في ذمة التاريخ، فإما أن نهيل عليها تراب النسيان بين أرشيف الصحف أو ننهض بواجبنا تجاه حفظها وصيانتها ولمّ شملها وننفض غبار الزمن عنها وهو ما حرصت عليه ضمن مشروع أسعى من خلاله لنشر الأعمال الكاملة لجميع الأساتذة الروّاد الأفاضل الذين تركوا بصمات واضحة في مستهل نهضتنا الأدبية المعاصرة، وتبلور جزء من نتاجهم الأدبي في كتاب ((وحي الصحراء)) الذي جمع مادته محمد سعيد عبد المقصود وعبد الله عمر بلخير وقدّم له الكاتب الكبير الدكتور محمد حسين هيكل بك ونشرت طبعته الأولى عام 1355هـ بينما صدرت طبعته الثانية عن ((تهامة)) عام 1403هـ ـ 1983)).
ولقد وعد وأوفى بما وعد الابن البار بأبيه فنشر الأعمال الكاملة لآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه جزءاً كبيراً عام 1422هـ إعداد وتقديم الأستاذ حسين عاتق الغريبي في أكثر من 584 صفحة وكذلك نشر الأعمال الأدبية لاثنين وعشرين أديباً من أدباء ((وحي الصحراء)) هم الأساتذة رحمهم الله:
1 ـ أحمد إبراهيم الغزاوي 2 ـ أحمد السباعي
3 ـ أمين بن عقيل 4 ـ أحمد قنديل
5 ـ حسين خزندار 6 ـ حسين سرحان
7 ـ عبد الوهاب آشي 8 ـ عبد القدوس الأنصاري
9 ـ عبد الحق النقشبندي 10 ـ علي حافظ
11 ـ عمر صيرفي 12 ـ عزيز ضياء
13 ـ عبد السلام عمر 14 ـ عمر عرب
15 ـ عبد الحميد عنبر 16 ـ محمد بن سرور الصبان
17 ـ محمد سعيد العامودي 18 ـ حسين سراج
19 ـ عبد الله بلخير 20 ـ محمد حسن فقي
21 ـ محمد حسن كتبي  
لكن قمة الوفاء من الابن لأبيه الوفي أن شهد عام 1426هـ في الاحتفالية العالمية باختيار مكة عاصمة للثقافة الإسلامية أن خرجت عشرات المجلدات (أكثر من 127 مجلداً) من الأعمال الكاملة لجميع الأدباء الذين اختارهم الأديب الراحل محمد سعيد عبد المقصود ليكونوا الروّاد في الحركة الأدبية في الحجاز، وفاءً وتقديراً من الابن البار الشيخ عبد المقصود خوجه. ولقد أضاف إليهم جميع أعمال الرجال الذين كان لهم أثر واتصال بوالده أبي عبد المقصود مثل الأديب محمد حسين زيدان وأحمد العربي وكذلك ما قام به والده رحمه الله من إخراج كتاب ((أخبار مكة للأزرقي)) وما جاء فيه من الآثار في طبعة جديدة كاملة (4) . وليس بخافٍ على كل ذي بصر وبصيرة أن هذه الإبداعات والأعمال الكاملة لأولئك الأدباء واللاحقين لهم تمثل الثروة الفكرية التي خلفها والده الرائد محمد سعيد عبد المقصود فحقّ لهذه الجامعة المكية أن تكرمه رحمه الله وتكرم نجله الوفي الشيخ عبد المقصود خوجه حفظه الله.
وإذا كان الشيخ محمد سعيد رحمه الله له ((منتداه الأدبي السنوي)) الذي مثل نشاطه الأدبي والاجتماعي في عيد الأضحى المبارك ((بمنى)) في منزل الشيخ ماجد كردي يدعو لذلك الملتقى شخصيات من العلماء والأدباء والسياسيين والعسكريين في البلاد والوافدين، يدعوهم ببطاقات دعوة وخصوصاً لكبار الشخصيات الإسلامية والعربية وكان رحمه الله يفتتح ذلك المنتدى بكلمة يرحب فيها ((بالحاضرين والوافدين ثم يتولى تقديم الخطباء والشعراء واحداً بعد الآخر، وكان رجال الفكر من المسلمين العرب وغير العرب يقبلون على هذه الفكرة ويعدّونها بمثابة احتفال العيد (5) والحج على حد تعبير د. محمد بن سعد بن حسين، فإن هذه السنّة الحسنة الطيبة قد ورثها نجله البار سعادة الوجيه الأديب عبد المقصود خوجه مؤسس الاثنينية العربية الإسلامية العالمية المباركة التي قطعت عقدين ونصفاً من الزمان في السير على درب والده الأديب أبي عبد المقصود، رحمه الله.
لقد ظهرت الاثنينية في جدة بشكل متميز ومنظّم ومنتظم لا يضاهيه شكل من الصوالين الأدبية في العالم العربي كلّه ولقد قلت في ندوة: ((الأدب السعودي خلال عقدين)) في رحاب نادي القصيم الأدبي ببريدة عام 1422هـ وإن كانت جاءت اثنينيات بعد ((الاثنينية)) الخاصة للشيخ عبد المقصود خوجه فإن الاثنينية الشهيرة هي ما أسسه الوجيه رجل الأعمال الأديب عبد المقصود خوجه وهي الأولى والأشهر والأكثر نشاطاً وحيوية وفاعلية ونشراً للإبداعات الأدبية والثقافية وهي التي يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1403هـ ولم يتوقف والحمد لله عطاؤها بل استمرت في الإنتاج طوال العقدين والنصف من الزمان إذ تجاوزت احتفالياتها وفعالياتها أكثر من مائتي تظاهرة إبداعية وثقافية كُرّم فيها كثير من الرموز الإعلامية والروّاد البارزين في الأدب والعلم والثقافة في المملكة العربية السعودية وخارجها حتى قبل رحيل عدد غير قليل من أولئك الروّاد.
ولم يقف نشاط ((الاثنينية الخوجية)) على التكريم والتعريف وجمع المواد الإبداعية لتكون صالحة للباحثين في إعداد وكتابة رسائل علمية عالية للماجستير والدكتوراه وخصوصاً لطلاب وطالبات الجامعة ومراكز البحوث العلمية مما لم يكن ميسوراً حتى للأندية الأدبية الكثيرة والجمعيات الثقافية في المملكة فحسب، بل تجاوزت ((الاثنينية)) هذه نشاطاتها إلى أبعد من ذلك فمدت الجسور بين المثقفين والأدباء والعلماء في المملكة إلى أدباء ومثقفي وعلماء العالم العربي والإسلامي، بل إلى أبعد من ذلك مثلما حصل في تكريم الاثنينية المتميزة بجدة للدكتورة سلمى الجيوسي من أمريكا ولغيرها في العالم الغربي، وعرّفت الآخر بإبداعات الأدباء والمثقفين في المملكة العربية السعودية (6) .
وقد سجلت للتاريخ في الأردن في الأسبوع الثقافي السعودي: مؤتمر عمان عاصمة الثقافة العربية لعام 2002م في البحث الذي قدمته بعنوان: ((ملامح من الحركة الأدبية والثقافية المعاصرة في المملكة العربية السعودية)) وألقيت محاضرتين في رابطة الكتّاب الأردنيين وفي المركز الثقافي الملكي بعمّان في شهر شوال عام 1423هـ أشرت فيهما إلى جهود ((دار خوجه للنشر)) وعن ((وحي الصحراء)) والحضور العالمي الكبير وتميز الاثنينية عن سائر المنتديات الأدبية العربية.
وللشيخ محمد سعيد رحمه الله في حياته العلمية والعملية أثران مهمان شكلا تلك الحياة بما جعلها الله معلماً في الحياة الثقافية والأدبية في المملكة العربية أولهما جريدة ((أم القرى)) والآخر مؤلفه ((وحي الصحراء)) مع أخيه في التأليف الشيخ عبد الله بلخير. وقد قدمت بحثاً عن أم القرى (7) في ندوة صحيفة أم القرى التي أقامتها دارة الملك عبد العزيز بالاشتراك مع وزارة الثقافة والإعلام في مكة المكرمة من 4 ـ 6 ذي القعدة عام 1426هـ بمناسبة الاحتفاء بمكة المكرمة عاصمة أبدية للثقافة الإسلامية شاركت بذلك البحث عن صحيفة ((أم القرى)) وكيف أنها كانت بمثابة المصدر الرئيسي للباحثين عن مصادر الثقافة والأدب وروافدها باعتبار هذه الصحيفة مرآة عاكسة لجميع مناشط الحياة الدينية والعلمية والفكرية والأدبية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. وذكرت من الحقائق التي يجب أن تذكر أن الملك عبد العزيز المؤسس لهذه المملكة رحمه الله بحصافة فكره ورجاحة عقله وحنكته السياسية ـ وقد كان لا يبارى في مثل هذه الأمور مع القادة المعاصرين له في الزمن ـ أدرك أن المملكة العربية السعودية دولة كبرى لها وزنها، وهي تشكّل مساحة عريضة في الخارطة السياسية بين الدول، لا بد من أن يكون لها ((لسان حال)) معبر عن وجهة نظرها وأفكارها وسياساتها ومنهجها، ولا بد من أن تكون لها قناة اتصال مع العالم العربي والخارجي على حد سواء فكانت النشأة الأولى لجريدة ((أم القرى)) تصدر في المملكة العربية السعودية بمكة المكرمة في ((الحجاز)) بعد إعلان قيام المملكة العربية السعودية على يد الملك عبد العزيز رحمه الله في عام 1343هـ (8) وكان صدور العدد الأول منها في الخامس عشر من شهر جمادى الأولى (9) في العام 1423هـ طوال واحد وثمانين عاماً حتى الآن 1427هـ وستبقى بإذن الله تعالى.
وإذا كانت (جامعة الملك سعود) قد قامت بنشر معجم المصادر الصحفية وفيه ((جريدة أم القرى)) وطبعت الطبعة الأولى منه عام 1394هـ في الرياض، فإن ((دارة الملك عبد العزيز)) قدمت في المناسبة المئوية على تأسيس المملكة مجلدين ضخمين عام 1420هـ من القسم الأول من ((الكشاف التحليلي لصحيفة أم القرى بدأ من عام 1343هـ حتى عام 1373هـ بما يقدر بثلاثين عاماً من عمر الجريدة هي سنوات حكم الملك عبد العزيز، ملك المملكة العربية السعودية الذي نعَتْه ((صحيفة أم القرى)) في العدد (1489) في السنة 30 (الثلاثين في البلاغ رقم (1) في 6/3 /1372هـ (10) .
ونظراً إلى الأهمية البالغة لجريدة ((أم القرى)) في بدايتها، مصدراً للفكر والأدب والاجتماع، فقد اتجهت أنظار المؤلفين في السعودية من شعراء وكتّاب ونقّاد وصحفيين إلى التسابق في الكتابة فيها وشجع على ذلك رئيس تحريرها الشيخ محمد سعيد رحمه الله وما أكثر الشعراء والكتّاب الذين كتبوا فيها، وحاول إحصاء أعدادهم الدكتور الحازمي في ((معجمه))، وكذلك فعلت ((دارة الملك عبد العزيز في ((كشافها))، ولم يكن ذلك فحسب، بل إن أولئك الأدباء لم يجدوا وسيلة لنشر قصائدهم ونثرهم إلاّ في ((جريدة أم القرى))، الأمر الذي جعل الباحث الدكتور الحازمي يقرر حقيقة كانت ماثلة أمام عينيه هي أن من ((شعرائنا وكتّابنا من لا يُعرف له حتى الآن (وقت كتابة ((معجم المصادر الصحفية)))، ديوان أو كتاب على الرغم من شهرته وغزارة إنتاجه كأحمد إبراهيم الغزاوي ((والمرحومين محمد سعيد عبد المقصود وحمزة شحاته)) (11) . ولكن بخلاف ذلك، فإن أولئك الروّاد وعلى رأسهم شاعر الملوك الشيخ أحمد إبراهيم الغزاوي ـ كما يحلو لي أن أسميه ـ قد حرصوا على نشر بواكير شعرهم وقلائدهم الإبداعية الابتداعية في ((جريدة أم القرى)). ولقد عرفت ذلك عن كثب بعد دراسة مجموعات شعر الشيخ الغزاوي، وقد أسندت جامعة أم القرى وعهدت إلى لجنة ((كنت رئيساً ومسؤولاً عنها لدراسة وتبويب شعر الشاعر الكبير أحمد إبراهيم الغزاوي وإعداد ديوانه الكبير للنشر. وقد بلغت الإضبارات والملفات والظروف الجامعة لشعره، الذي أمكن جمعه وبقي جزء كبير منه لما يجمع بعد، مائة وخمسة أظرف، وكذلك عهد إليّ وإلى اللجنة الاهتمام بجمع ما لم ينشر في الدراسة والتحقيق لديوان ((الغزاوي)) في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض التي قدمت لنيل درجة الدكتوراه للطالب آنذاك الدكتور فهد مسعد العطوي، الأستاذ المحاضر في جامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية في الرياض وعضو مجلس الشورى الآن.
ولعلّ من الأهمية بمكان أن يذكر في هذا الصدد الوجيه والأديب ابن الأديب الشيخ عبد المقصود خوجه، صاحب ((الاثنينية)) التي طبقت شهرتها الآفاق فقد رعى حفظه الله مشروع نشر وطباعة ديوان الشيخ الكبير أحمد إبراهيم الغزاوي على حسابه الخاص ضمن مطبوعات الاثنينية في عدة مجلدات لتخليد جهد الشاعر الكبير أحمد إبراهيم الغزاوي شاعر الملوك في المملكة العربية السعودية، وقد أشار وأشاد بما فعل الشيخ عبد المقصود خوجه في المقدمة في الجزء الأول من الديوان المنشور في ((الاثنينية)).
ولقد رأيت بأم عيني في آثار الشاعر الغزاوي، أن هذا الشاعر الكبير كان يكتب القصيدة بخطه الجميل الرائع، ثم يحرص على طباعتها وضبطها وتشكيلها بيده ثم يرسل نسخة منها مطبوعة على الآلة الكاتبة ومضبوطة ضبطاً رائعاً إلى ((جريدة أم القرى)). ومن أجل هذا لا نعجب إذا رأينا شغف أولئك الروّاد بهذه الجريدة الرائدة، وحرصهم الشديد على جعلها مصدراً وينبوعاً ثراً نافعاً ومرآة للأدب والفكر في الحجاز وغيره.
لقيت جريدة ((أم القرى)) من العناية والرعاية والإشراف على تحريرها والكتابة فيها من رئيس تحريرها الثالث، بعد كل من الشيخ يوسف ياسين والأستاذ رشدي ملحس، الأستاذ الأديب المكي: محمد سعيد عبد المقصود خوجه.
فلقد سطر فيها 47 مقالة (12) عوضاً عن الشعر بما يمثل الشطر الآخر من الأدب، فقد كان أديباً متميزاً تولى رئاسة تحرير جريدة أم القرى من عام 1350 حتى عام 1355هـ، وله مؤلفات اشترك في بعضها مع الشاعر المكي الكبير والأديب والسياسي والإعلامي الناجح الأستاذ عبد الله بلخير ((رحمه الله)).
وتولى نشر مؤلفات الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود، ابنه الأديب الأريب الوفي للعلم والعلماء والأدب والأدباء الوجيه الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه وذلك ضمن مطبوعات الاثنينية العالمية الرائدة في مجال الثقافة والأدب في المملكة العربية السعودية.
وقد سعى الأديب الرئيس محمد سعيد رحمه الله إبّان رئاسته لتحرير ((جريدة أم القرى)) أن تكون هذه الجريدة متميزة حقاً، فازدهرت في عهده إذ وفّر لها الجانب الأدبي (13) ، إلى جانب ما كانت تعرف به من حرص على التمسك بالاتجاه ((الديني)) وشيء من اللون ((السياسي)) و ((الاجتماعي)). فقد كثرت المقالات والقصائد وبحوث الأدب والتاريخ في هذه الجريدة الرائدة. يضاف إلى ذلك ما حرص عليه رئيس التحرير هذا، أن تكون الجريدة عيناً ناقدة لبعض الأمراض الاجتماعية في المجتمع، وتوجيهاً وتصحيحاً لمسار التعليم، ومحاولة إصلاح طرقة البالية. ومن العجيب حقاً، أن الكشّاف التحليلي لصحيفة ((أم القرى)) (14) لم يذكر له سوى 18 مقالة؟!!
وتميزت كتابات الأديب الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود خوجه بالصبغة البحثية العلمية إذ نشر في الجريدة بحثين كان الأول منهما عن: ((الأدب العربي في القرن الرابع الهجري))، نشر في ثلاثة أعداد متلاحقة، وكان الآخر عن ((الأدب الحجازي والتاريخ)) نشره في عدة أعداد بلغت ثمانية. وقد شكّل هذا البحث الأخير عن الأدب الحجازي المنشور عام 1355هـ، نواة للمشاركة الإيجابية منه رحمه الله، مع الأديب الشاعر والسياسي والإعلامي الأستاذ عبد الله بلخير ـ رحمه الله ـ في إصدار كتاب ((وحي الصحراء))، الذي اعتبر فيما بعد مصدراً من مصادر الأدب للروّاد الأدباء الحجازيين في المملكة العربية السعودية. وهو عمل بحثي متميز جعل ناقداً من النقاد في المملكة العربية السعودية يذهب إلى القول بأنه ((لا يستبعد تأثر عبد المقصود بالنزعة التي كانت على أشدّها حينذاك في مصر، والتي كانت تدعو إلى دراسة الأدب العربي قديماً وحديثاً، في إطار البيئة المحلية والتاريخ القومي، وقد كان محمد حسين هيكل من روّاد هذه النزعة، وهو الذي كتب مقدمة لـ ((وحي الصحراء)) (15) ، لكنني في واقع الأمر أشك في التشابه بين الدعوتين، إذ إن الدعوة إلى الإقليمية في الأدب في مصر كانت متأثرة بدعوة ((أحمد لطفي السيد، المتمثلة في قوله: مصر للمصريين)). بيد أن الأديب الحجازي الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود وكذلك الأديب الأستاذ عبد الله بلخير لم يفكرا في هذه النظرة الضيقة في حصر الأدب ضمن إقليمية ضيقة.
وعلى الرغم من استدراك الأديب الكبير محمد حسين زيدان على أديبنا ((الخوجه)) رحمهما الله جميعاً، وأنه ليس هناك أدب حجازي وأدب نجدي.. وإنما هو أدب اللغة الشاعرة.. وقال: ((وخالفني هو في ذلك. غربلني فلم أتغربل بل احترمت عواطفه حتى إذا وصلت إلى مكة اتصلت به أزوره (16) ..))، فإنني رأيت أن الأديبين الكبيرين محمد سعيد وعبد الله بلخير لم ينظرا إلى الإقليمية في الأدب بذلك المنظار المصري، لكن نظرتيهما كانتا في سياق العروبة والإسلام، وإنما كان ذلك على شكل معركة نقدية مع الزيدان، وقد كان المحتفى به بطلاً من أبطال تلك المعارك النقدية التي احتدمت بين العواد وحمزة شحاته وبين السباعي والعطار وبين العواد وعبد القدوس الأنصاري وبين السباعي ومحمد سعيد. ونظرتي إلى تلك المعارك تختلف مع ما ذهب إليه الناقد الدكتور منصور الحازمي فقد وقع في الوهم حين عمّم في القول بأن ((النقد الأدبي الذي نشأ في مدن الحجاز اقتبس من الحارة عنفها وعصبيتها كما ورث الكثير من طيبها وفنونها..)) ويظهر الوهم في وصف الدكتور لتلك المعارك أنها لا يهمها ((النص)) بقدر ما يهمها ((صاحب النص))، لا تهمها ((الحقيقة)) بقدر ما يهمها ((القتال)) وإحراز النصر وكثيراً ما يتحلق الأنصار والمشجعون حول الفارسين وتتحول المعركة إلى ملحمة جماعية، فهذا في نظري قول يمكن الرجوع عنه وأتمنى على هذا الناقد الكبير أن يفعل ذلك وخصوصاً بحق الأديب محمد سعيد خوجه لأننا علمنا أنه أنصف أديبنا مع أولئك النقاد الروّاد الذين كان منهم المحتفى به فقد قال عنهم في كتاب ((الوهم ومحاور الرؤيا (دراسات في أدبنا الحديث): ولم ينتظر أدباؤنا ـ بين الحربين ـ من يكتب عنهم، بل كتبوا هم عن أنفسهم، وتلمسوا جوانب القوة والضعف في إنتاجهم. قالوا: إن أدبهم ضعيف لضعف التعليم، عشوائي مشتّت لعدم وجود رابطة تجمع الأدباء وتشجعهم، باهت الشخصية لأنه يقلّد ولا يبدع، وقالوا أشياء كثيرة تفوق ما قاله هيكل وطه حسين من باب النقد الذاتي والطموح إلى المثل الأعلى. وأول البحوث السعودية الطويلة في الأدب ما كتبه المرحوم محمد سعيد عبد المقصود خوجه 1355هـ/1936م مقدمة لكتاب (وحي الصحراء) بعنوان: ((الأدب الحجازي والتاريخ..)) (17) .
وتكفينا هذه الشهادة من الدكتور الحازمي لتخليد جهود أخينا المحتفى به الأديب الأريب الرائد محمد سعيد عبد المقصود ((رحمه الله)).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1195  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 35 من 36
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج