شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
إنا لله وإنا إليه راجعون
* بقلم: فؤاد شاكر
انتقل إلى رحمة الله الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود مدير مطبعة الحكومة حيث وافاه الأجل المحتوم بعد مغرب يوم الخميس في الطائف، ففاضت روحه إلى بارئها من عالم الفناء إلى عالم البقاء، وكان الفقيد ـ رحمه الله ـ قد أصيب بمرض عضال أنشب فيه مخالبه منذ بضع سنين أعيا نطس الأطباء وأعجز براعة الحكماء، وحاول الاستشفاء منه في كثير من البلاد المجاورة وعلى أيدي أشهر الأطباء فما كان يختفي المرض إلا ليعود مرة أخرى، وما كان يبرأ منه قليلاً إلا ليعاوده كرة بعد كرة، وكان الفقيد في خلال تلك المدة العنيفة القاسية من أيام حياته لا يكف عن مزاولة أعماله وإدارتها وتصريفها بكل ما يمكنه من الجد والنشاط، كما كان في سائر أيام حياته السليمة مثالاً رائعاً للنشاط والجد والاجتهاد والانكباب على العمل بهمة لا تعرف الكلل ولا يتطرق إليها الملل، وكان انصرافه إلى ذلك النشاط في إدارة أعمال وظيفته لا يعوقه عن النشاط في أداء واجبه الاجتماعي نحو أصدقائه وإخوانه ومحبيه.
ولقد قضى الفقيد نحو خمسة عشرة سنة في القيام بأعمال وظيفته خير قيام وهي إدارة المطبعة الأميرية علاوة على أنه اشتغل بالصحافة ردحاً من الزمن في خلال تلك المدة وكان في بعضها يدير تحرير جريدة أم القرى، كما كان إلى جانب ذلك كاتباً اجتماعياً وسياسياً قوي التفكير فكان يغذي الصحافة في أوقات كثيرة بمقالات طريفة شائقة في شتى المواضيع كانت موضع إعجاب القراء والأدباء ومحل اهتمامهم واستفادتهم، وقد شارك مشاركة كبيرة في الحركة الأدبية الحديثة، بما كانت تدبجه براعته من تلك المقالات والأبحاث، أو بما ساهم به في الحفلات والمجتمعات من الخطب ومعالجة الشؤون العامة وإبداء الآراء المفيدة الصائبة، والفقيد ـ رحمه الله ـ كان إلى جانب ذلك يلتهب غيرة وحماسة وإخلاصاً لوطنه وكان محل تقدير أصدقائه ومحبيه من جميع الطبقات وكان مرضه الشديد الذي لازمه في السنوات الأخيرة مبعث ألم وحزن عميقين لجميع أصدقائه وعارفيه وأخيراً غادر العاصمة إلى الطائف في الأسبوع الماضي فوافاه القدر المحتوم هناك ليلة الجمعة.
وقد وصل نبأ نعيه إلى بعض أصدقائه في وقت متأخر من ليلة الجمعة هذه فغادر للعاصمة كثير منهم إلى الطائف للاشترك في توديع جنازته ومواراته في مثواه الأخير، وقد احتفل بتشييع الجنازة ظهر يوم الجمعة في مسجد ابن عباس حيث صلى عليه بعد صلاة الجمعة وشيع في حفل رهيب بين عبرات الأسى ولوعات الحزن إلى القبور فوريَّ قبره مبكياً عليه فنسأل الله الكريم أن يشمله برحمته وأن يغدق عليه شآبيب رضوانه، وأن يلهم أسرته جميل الصبر وحُسن العزاء، وأن يبارك في حياة نجله الصغير ((عبد المقصود))، الذي ذاق لوعة اليُتم طفلاً وأن يعوض الله به ما فقدناه في أبيه الراحل الفقيد من صفات الجد والرجولة إن شاء الله.
ولا شك أن وفاة الفقيد تعتبر خسارة فادحة على الحركة الأدبية وعلى النشاط الاجتماعي بالنسبة لما كان متمتعاً به من تلك الصفات، ولما كان معروفاً به من الجد والاقدام وعلو الهمة، وقد تجلى ألم هذه الخسارة في العبرات الحارة التي ذرفتها لأجله العيون وبكته بها الأفئدة من جميع أصدقائه ومحبيه، ولقد كان لنبأ وفاته رنة حزن عميقة في صدر كاتب هذه السطور فقد كانت تربطني به صداقة قديمة تجاوزت الاثنى عشر سنة بينها خمس سنوات في زمالة العمل علاوة على مزاولة تلك الصداقة.
فأكرر الابتهال إلى الله تعالى أن يشمله برحمته وأن يغدق عليه شآبيب رضوانه، وأن يبارك في أنجاله الثلاثة وفي مقدمتهم ولده ((عبد المقصود)).
(( صوت الحجاز ))
الأربعاء 18/4/1360هـ.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :440  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 44 من 52
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج