شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
البحيرة
زار الشاعر في أحد أعياد عام 1982
بحيرة البلاتون في المجر فقال:
على الضفافِ تصَّبَتني الأغاريدُ
وبادلتني بها أحلامَها الغيد
يا من رأى الجنة العذراء وارفةً
وقد تدلَّت من الكرمِ العناقيد
كأنما الراح في أكوابها سكبتْ
وأسكرتنا، وبعض السكرِ محمود
إن البحيرة في أحضان جنتها
تعيش أعيادَها غاداتُها الرود
تخالها وهي فيها مثل آنية
يزين حافاتها وشي وتوريد
كلُّ الضفاف هوى العشاق يغمرها
كأنما زُرعت فيها الزغاريد
***
على الشواطي أجسام منعَّمة
أديمها من شعاع الشمس مقدود
يلفها الصحو في أبراده شغفا
فالصحو والرمل مغبوطٌ ومحسود
كمْ ارتوت قبلات في مباسمها
ورفَّ شَعر كلون الفجر مسرود
وفي الجفون لآلٍ ما لها عدد
بمثلها يتهادى حَلْيَه الجيد
سكرى العيون كأن السحر فتَّرها
وأيقظَ الزهو فيها فهو عربيد
مِلءُ البحيرة أفراح معطَّرة
وأغنيات، وايحاء، وتنهيد
تراقص الموج هدَّارًا ومنسربًا
كأنه وتر بالريح مشدود
خضر الجنائن في أمواجها انعكست
كأنما انقلبت فيها الأماليد
على الضفافِ مصابيح منسقة
وفي المياه مصابيح أباديد
تكسر الضوء في الأمواج مرتعشا
كأن ألف هلال ثَمَّ مولود
على مدى النظر اللمَّاح أشرعة
بيض ترفُّ وعشَّاق معاميد
تبدو الزوارق جناتٍ معرشة
بها المجاديف رقَّاص وغرِّيد
كأنها الوز في الأمواه سابحة
تختالُ عجبًا، لها نشر وتنضيد
تنش من حولها الأمواج حالمة
كما يرجِّع من ألحانه العود
مَن أنزل الكوثر الموعود شاربه
بكل ما حفلت فيه الرواقيد
حلَت مذاقًا، رحيق النحل رُشَّ بها
أو أنها ذُوِّبتْ فيها القناديد
يوم البحيرة يوم لا نظير له
فينا وتذكاره بعث وتجديد
ترشفت نظراتي كلَّ خمرتها
كما ترشفت الكحلََ المراويد
وددتُ لو كنتُ فيها نورسًا مرحا
له على الموج تصويب وتصعيد
وأن أغازلهَا من فوق سارية
كأنما ظلها في الغيب ممدود
***
يومُ البحيرة لم تفتأ مشاهده
تثري حنيني، وتضري شوقي الخود
أقتاتُ ذكراه أفراحًا وأخيلة
ويرتوي الحس حتى تزهرَ البيد
حيث استعدت شبابي في شواطئها
فللشباب كما للَّحن ترديد
لكلِّ عُمر غرام يستمر به
زهو الحياة وتثريه الأناشيد
إذا محا الدهر ما خطَّت أنامله
ففي اذِّكاري (للبلتون) تخليد
إن البحيرات مصياف ومنتجع
تُجنى وتزهر فيهن المواعيد
لكم قطفنا مزيدًا من مباهجها
وقد يُنمِّي قطاف الفرحة الجود
لقد غرسنا على الشطآن فرحتنا
فللمسرات مثل الفلِّ ترقيد
غدًا نراها فراديسًا معرشة
بها ظلال وأعطارٌ وتغريد
وقد كتبنا على الأشجار واضحة
أسماءنا فهي للإعجاب تأكيد
لعلَّ أرواحنا النشوى ترفُّ على
رحابها عندما يُخضَوضَرُ العود
***
قلْ للبحيرات ، والأنواء غاضبة،
هل للبحيرات تحنان وتهديد؟
وهل تَحس إذ الأمواج ثائرة
بأنها فُجِّرت فيها الجلاميد؟!
يرفرفُ الموت مجنونًا برهبته
كما تُرفرف فيها أغرب سود
***
في كلِّ قلب بحيرات معتمة
تكاد تغرق فيهن الأخاديد
حبلى بكلِّ الأماني فهي واعدة
وقد تخادعنا فيها المواليد
إنِّا نخادع طول العمر أنفسنا
إذا يئسنا، لان الصدق مفقود
ليت الحياة كما نهوى حقيقتها
لكنَّ (ليت) بها لليأس تجسيد
حسبي من الذكريات البيض وامضها
في حالك العمر حيث العمر مخضود
لئن نسيتُ فلن أنسى مباهجنا
لدى البحيرة حتى يرجع العيد
***
 
طباعة

تعليق

 القراءات :649  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 255 من 271
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج