شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الأستاذ الدكتور عبد الهادي التازي))
بسم الله الرحمن الرحيم.
معالي الأخ العزيز الأستاذ عبد المقصود خوجه
زملائي الأعزاء أخواتي الفضليات أبنائي بناتي،
حقيقةً لقد أربكني هذا الرجل العظيم بما أفضاه علي من عواطف كانت بالنسبة إليّ مخجلة حقيقةً وأتمنى أن يكون فيما جاء من بعضها مما يصدق علي، لقد سمعت بالاثنينية منذ زمن طويل وأخذت مع نفسي أتساءل هل أن الشيخ عبد المقصود استوحى الاسم مما ذكره الشيخ زكريا صاحب ((عجائب المخلوقات)) الذي تحدث عن محاسن أو مزايا الاثنين وذكر منها أن في يوم الاثنين ترفع فضائل الأعمال ومحاسنها، أم أن هناك فلسفةً امتاز بها زميلنا العبقري أوحت إليه باستعمال الاثنينية، ولا أكتمكم إطلاقاً أنني من الذين كنت وأقولها وأعترف بها من الذين كانوا يتوقون إلى أن يكونوا من حضور هذه الاثنينية لأنها بما تميزت به من مصداقية ومن دلالات مزدوجة تعبِّر عن إحساس الرجل بأن هناك فضاءً يجب أن تقوم بها الأشخاص قبل أن تقوم به الدول، الرجل يقوم بعمل تنوء به العصبة وأولو القوة، فلذلك امتلأ قلبي إحساساً بإجلال هذا الرجل الذي يعمل في صمت وفي تواضع نرجو أن يكون مثلاً لكل المواطنين مشرقاً ومغرباً.
أنا أجدد الشكر لهذا الرجل الجليل الذي أعتز بأنني أجلس إلى جانبه لأنه أتاح لي الفرصة لكي أرى وجوهاً مشرقة بالإيمان مؤمنة بحاضرها وبمستقبلها حقيقةً جئتكم من بلد بعيد جداً وأكثر من هذا جئتكم وأنا أشكو ومع ذلك شعرت أنني تجاوزت كل مراحل الضعف وكل مراحل المرض أنا أجدد الشكر لأخي وقد أثار الزميل الذي قدمني بأنني من مواليد 15 يونيو عام 1921م وأنا أعترف بهذا وأقول لكم بأنني أب لتسعة أولاد وجدُّ لخمسة عشر حفيداً وإني إذ أزوركم اليوم أزور لأتحدث إليكم بهذه الصفة وهي صفة الأب وصفة الجد وصفة الأخ إذا قبلتم به.
زملائي الأعزاء، هناك كاتب بولوني أمير شاعر ديبلوماسي يحمل اسم بوتوسكي، له رحلات كتبها عن المشرق والمغرب ذات يوم وصلنا إلى طنجة وفتح عينينه ذات صباح في تطوان ليقف على المناظر الطبيعية التي تذخر بها تطوان، كل ما استمتع به من منظر طيب جعله يشرعه بحزن وألم لماذا لأن لم يكن بجانبه أحد يتحدث له عن هذا المنظر الجميل، فقال كلمة أرجوكم أن تحفظوها وتكتبوها لأنني شعرت بوزنها وقيمتها هذه الليلة قال"ما قيمة أجمل منظر في الدنيا إذا لم نجد بجانبنا من نقول له هذا منظر جميل" أنا أشعر الآن بمتعة كبرى لأنني أرى هذه الأجواء الجميلة الطيبة ومعي كل الدنيا هذه المساء، أرجوكم أن تسمحوا لي وأنا أعبِّر هذا التعبير، هنالك إشارات خاطفة مر بها زملائي الأعزاء فيما يتصل بتآليفي حتى أجعل إخواني وزملائي في الجوّ أقول لهم إنني أشعر بأن هناك توجيهاً بأن الله حباني بأن أتأقلم مع الجو الذي أعيشه، في فاس نشأت واعتززت بجامعة القرويين التي أقول في كلمة قصيرة أنه لولاها لكان المغرب يتكلم غير لغة العرب، ولكانت إفريقيا كلها تتكلم غير لغة الإسلام، فلذلك أرجوكم أن تعتبروا أن هناك في المغرب معقلاً يحمل اسم جامعة القرويين يحمل اسم جامع القرويين جدير بكم جميعاً أن تزوروه وجدير بكم أن تمعنوا فيه النظر لأن شيخنا عبد المقصود ضرب على الوتر الحساس في التعريف بهذا البرج الثقافي الإسلامي الرفيع الذي كان الاستعمار يسمّيه البيت المظلم وكان بالنسبة إلينا البيت المشرق، الجهة الثانية التي تأقلمت معها وجذبتني جهة التاريخ الدولي للإسلام وأرجو أن أقول هاهنا في هذا البيت العتيق إنني كنت أشعر بحزن عميق وأنا أرى أن التآليف الإسلامية تخلو من الحديث عن علاقاتنا مع الدول الأخرى، وهذا نقص فادح كنا نشعر به وما أحسسته إلا يوم أصبحت سفيراً لبلادي لأول مرة في بغداد وما تلاها لأنني شعرت بأن المؤلفين المسلمين بمن فيهم ابن خلدون وأنا هنا أتحدث عن المعاصرين، المتقدمون كانت أحاديثهم عن العلاقات الدولية للإسلام أحاديث شحيحةً ويجب علينا هنا أن نعترف بهذا بل في بعض الأحيان أكثر من شحيحة وغير موجهة بينما كتاب الله العظيم يحتوي على عدد من المقاطع بالتاريخ الدولي للمغرب بل فيه من الآيات الشريفة ما يعتبر قمة من القمم في باب التعامل الدولي وسأقتصر هنا على آية واحدة تقول في معناها إن جبريل يطلب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه إذا طلبت منه أي جهة إسلامية مساعدةً فيما يتصل بالدين فيجب عليكم أن تساعدوهم إلا في حالة واحدة وهي أن تكون لكم اتفاقية مع جهة أخرى فيجب عليكم أن تعطوا الأولوية للمعاهدة قبل أي شيء والآية الكريمة تقول وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ (الأنفال: 72) هذه الآية تجرأ اليهودي "شركي" عندما ترجم القرآن قبل ثلاث سنوات على حذفها نهائياً من سورة الأنفال وهذه الآية التي يقول فيها وزير العدل الفرنسي لو كانت عندنا في الإنجيل لجعلناها شعاراً لكليات الحقوق في سائر فرنسا، القرآن الكريم مليء بهذه المبادئ، التاريخ الإسلامي مليء بنصوص الاتفاقيات ونصوص الخطابات ولذلك شعرت بأن من واجبي أن أقدم هذا الموضوع الذي هو التاريخ الدولي للعالم الإسلامي وقدمته في 15 مجلداً واختصرته إلى 3 مجلدات واختصرته مرة ثالثة بإذن من الملك الحسن الثاني إلى مجلد واحد وهو الذي سأشرف بإهدائه إلى معالي الأخ العزيز الشيخ عبد المقصود خوجه، هناك آخر أعمالي التي ربما صعبت تلاوتها تصحيح كتاب اسمه "المفهم في تاريخ مسلم" ألفه إمام في الأندلس وموجودة منه نسخ في بلاد الشام، "المفهم لما أشكل من صحيح مسلم" يقع في أربعة مجلدات وجدته بخط الرحالة المغربي ابن بطوطة في الأزهر الشريف، وحققته لأنه يكشف خطأً عالمياً وقع في غيبة من العرب والمسلمين واتبعنا في هذا الخطأ المستشرقون، وهو أن ابن بطوطة الرجل العظيم القمة الذي أصبح العالم اليوم يعتبره أكبر رحالة في العالم بدون استثناء ووقع الإجماع على هذا والأمم المتحدة أعطت اسم ابن بطوطة لجزء من القمر لمن أراد أن يعرف كل ذلك، فرحلة ابن بطوطة رجوت أن أختار هذا الفضاء للإعلان عن هذا الحدث الذي وقع في رحلة ابن بطوطة والتي توجد بين أيديكم جميعاً وتوجد بين أيدي العالم وما تعرفون فرحلات ابن بطوطة ترجمت إلى الآن إلى خمسين لغة، بحيث أصبح الآن ابن بطوطة في كل بيت وكل مكتب، هذا الذي كتب رحلة ابن بطوطة وذكر أنه عندما قام برحلته الأولى ذهب إلى العراق ثم بدا له أن يزور جنوب إيران في عام 727 كل الذين علقوا على هذه الزيارة لإيران شوشت عليهم المعلومات لأن إيران في ذلك الوقت لم يكن في ذلك الوقت حالة صيف، لم يكونوا الولاة نفس الولاة، قام المستشرقون وقعدوا وكان معهم الحق إلى أن وقفنا على النسخة العظيمة التي توجد في الأزهر الشريف وهي "المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم" هذه النسخة وجدناها مكتوبة بخط ابن بطوطة عام 727 كتبها في المدرسة العزيزية بدمشق وهذا شيء لم يكن معروفاً لما قمت بنشر هذه نسخة من الكتاب "المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم" لأبي العباس أحمد بن عمر الأنصاري القرطبي عن نسخة نادرة بخط الرحالة المغربي بن بطوطة من تحقيقي ونشر وزارة الأوقاف المغربية أهديها لصديقي الشيخ عبد المقصود خوجه، المهم أن هذه المجلدات الأربعة تحتوي على مقدمة أرجو لمن يريد أن يطلع على خط ابن بطوطة أن يقف عليها، وهذه النسخ الأربع تحقق ما ورد في تحقيق لرحلات ابن بطوطة والتي تقع في خمسة مجلدات والتي نشرتها أكاديمية المملكة المغربية التي ستستضيف أخانا العزيز الشيخ عبد المقصود خوجه إكباراً له على إحياء مثل هذه المجالس التي تعتبر بحق مجالس منعشة معبِّرة عن مستقبل باسم وعن غد أكثر بسامة وأهدي له هذه المجلدات أيضاً.
والذي أريد أن ألخصه هو الإشارة إلى هذين المجلدين اللذين يتصلان برحلة المغاربة إلى هذه الديار، المغاربة بقدر ما بعدوا عن الحجاز بقدر ما ازداد شوقهم واحتد وجدانهم إلى هذا الأرض، فلذلك كانت رحلاتهم قمة في العدد قمة في التعبير وفي كل شيء، وكان لزميلنا وأخينا العزيز الشيخ أحمد زكي يماني الفضل في انه قصدني في بيتي بالرباط ليطلب إلي أن أقوم بالمهمة وقمت بالمهمة شاكراً فضله، ويكفي أن نعلم أيها السادة أن هذين المجلدين خاصّان بما قاله المغاربة عن الكعبة لما يواجهونها، وتصوروا أن بربرياً من المغرب الذي هو ابن بطوطة حتى الآن عجز المترجمون عن أدائها أداءً جيداً إلا أن مستشرقاً واحداً وهو هاملتون جت، فابن بطوطة لما وقف أمام الكعبة والذي يقف أمام الكعبة لا يخلو من أمرين إما أن يكون مزعزع الإيمان فيشعر برجة قوية تضربه في رأسه لأنه أمام هذا الجمع العظيم ويشعر أنه أصيب بنوع من الخلل ومن العته لأنه لم يكن في مستوى العقلاء الذين يطوفون كما ينبغي أو أن يكون هناك شخص ثان مكتمل الإيمان فيزداد إيماناً والله عز وجلّ قسم أن يكونوا مؤمنين صادقي الإيمان يزدادون إيماناً وبين معطلين مذبذبين أو علمانيين إذا صح القول فيشعرون بأنه مطرقة تنزل على دماغهم، أيها السادة الأعزاء هناك حكمة غواتيمالية تقول "إذا أتيحت لك الفرصة أن تتحدث بين قوم فكن رفيقاً بهم شفوقاً بهم" وذلك ما سأكون أستأذنكم وشكراً لكم في الأول والآخر.
معالي الأستاذ الدكتور رضا محمد سعيد عبيد: ونحن نشكرك جزيل الشكر، ويسعدنا جداً أن نكون بحولكم لنسمع هذا الكلام لجميل منك، الآن أعطي الميكروفون للدكتور عبد المحسن القحطاني إذا كانت لديه مداخلة.
سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه: قبل المداخلة إذا سمح لي معالي الأخ الكريم، لقد سهى علي باسمكم وباسم الجميع أزجي التهنئة لنادي جدة الثقافي الأدبي باختياره الدكتور عبد المحسن القحطاني هذا الرجل الذي يحلو لي دائماً أن أسميه "البدوي الظريف" والمثقف الكبير رئيساً للنادي الثقافي الأدبي لجدة، فهو خير خلف لخير سلف، أسأل الله سبحانه وتعالى ـ وهو غارم ليس غانماً ـ أن يمده بعونه وتوفيقه، وأن يجل للنادي إن شاء الله أياماً مضيئة بالثقافة والعلم والفضل والأدب. وشكراً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :943  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 126 من 252
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج