شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ب- التوازن في المفهوم الإسلامي:
يقول الله تعالى: وَالسَّمآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ المِيزانَ* أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ* وَأَقِيمُوا الوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (1) .
يقف المفسرون لهذه الآية عند معنى العدل المطلوب في الوزن والكيل وذلك ما وجدته عند "ابن كثير" (2) و"الطبري" (3) .
ولكن "سيد قطب" يوسع تفسير هذه الآية ليشمل الوجود كله.
فيقول: "وضع الميزان: ميزان الحق... وضعه لتقدير القيم. قيم الأشخاص والأحداث والأشياء كيلا يختل تقويمها، ولا يضطرب وزنها، ولا تتبع الجهل والغرض والهوى، وضعه في الفطرة، ووضعه في هذا المنهج الإلهي الذي جاءت به الرسالات وتضمنه القرآن" (4) .
والحقيقة أن الله سبحانه وتعالى خلق الكون كله من عناصر مجتمعة بعضها مع بعض، تسير "بالتوازن". كما خلق الإنسان الذي هو جزء من هذا الكون من مركبات شتى، ولكنها تكون متآلفة فيما بينها "بالتوازن" فالكون كله ثابت مطرد لا يختل إلا بمشيئة الله أو عبث الإنسان، بينما نجد التوازن في الإنسان قابلاً للتغير وليس له ذلك الثبات والاطراد الموجودان في سائر عناصر المادة.
فالإنسان مركب من عنصرين: المادة، وهي نفس المادة التي تتكون منها الأرض.
والروح: وقد خلقها الله ولها قابلية التغير، وألهم النفس البشرية الفجور والتقوى: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهاَ * فَأَلْهَمَهاَ فُجُورَهَا وَتَقْوَاهاَ (5) وهو بهذا التصريح لا يلغي وجوداً بل لا يحاول أن يلغيه ليقوم مكانه وجود آخر، فهو مثلاً لا يحاول إلغاء الشر الموجود في الحياة لتقوم الحياة على الخير وحده، بل يريدهما متجاورين متعايشين، لاحتياج الحياة إلى ذلك الشر في مواقف معينة وبالطبع لن يسمى عندها شراً.
("فالتوازن" في المفهوم الإسلامي: لا يلغي الشيئين أو يمزج بينهما مستخلصاً وجوداً ثالثاً، لأن الإلغاء، مصادرة للحركة وللمقاومة، بل يتعاقب الشيئان على النفس تعاقب الليل والنهار، في حركة دائبة لا تسكن إلا بشيخوخة النفس وضعفها إلى حد الموت، لأن قوة النفس مرهونة بقدرتها على مقاومة الضعف "فالتوازن" إذاً في
تصورنا الإسلامي إقرار بالضعف وبالقوة والشجاعة، ويتجلى جهد الإنسان في المقاومة التي تعين على ضبط الحركة وتوجيهها بين الشيئين) (6) .
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1673  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 12 من 86
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد عبد الصمد فدا

[سابق عصره: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج