شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
يا أيها ((الوطن)) المجيد
كانت في السماء أذانات تعلو، وما زالت تردد: الله أكبر، الله أكبر.
هذا هو المنطلق الذي لن تحيد عنه - يا وطني - ولن ترتد عنه: كل ذرة رمل، وكل غرسة حقل، وكل عقل، وكل خفقة قلب.
يا وطني: هذا الإيمان يُمجّدك.
يا وطني: أنت ضوء، وليس للضوء صوت.. لكنك تمحي كل ظلمة.
فيك - يا وطني - تحولت حناجر الناس إلى: مآذن، وعيونهم إلى: شموس، وأصواتهم إلى: خطوات.
صارت جباه أهلي فيك: وطناً.. للوطن!
هكذا ننبعث كل عام لنحتفل بك أيها الوطن الأغر.. بيوم الوطن.
الاحتفال عندنا يعني: تجسيد الانتماء لك.
في كل صبح جديد يشرق على أرضك وإنسانك.. تتمايل الأوراق الخضراء: زهواً بالحياة على أرضك، وبالأمان والاستقرار في حضنك.. وتتحول الرمال إلى: غرسة، والصحراء القاحلة إلى: حقول، وورود، وحنطة، وذهب!
إنبلج الفجر على امتداد تاريخك - يا وطني - هذا الفجر الذي ولد بمعطيات صُنَّاع التاريخ.. وأعزهم، وأشرافهم، وأعظمهم: محمد بن عبد الله/ نبي هذا الأمة الإسلامية، ومعلمها، ومهذبها، وهاديها إلى الصراط المستقيم، صلى الله عليه و سلم.
((من هنا شعَّ للحقيقة فجر
من قديم.. ومن ها هنا: يتجدد))!!
والإنتماء إلى الوطن/ إليك: يعني مواصلة تجديد العزيمة، وصناعة التاريخ الذي يزيد المسلمين رفعة، وإعزاز العقول والرجال المثمرين.
هكذا يترجم ((إنسانك)) فرحته، واحتفاءه بالوطن.
هكذا تتشكل - أيها الوطن الأغر - من جوهر القضايا التي صنعت تاريخ هذا العالم، والتي أرست شرف الإنسان المسلم، والتي حوّلت مسار التاريخ.
ويتبلور من هذا التشكيل.. سؤال:
ـ هل الإنسان العظيم هو الذي يصنع تاريخاً عظيماً.. أم أن تاريخاً حافلاً بالأحداث، وبالتحديات، وبالإنجازات والإضاءات.. هو الذي يصنع رجلاً عظيماً، ليبني وطناً أعظم؟!
إن الوطن العظيم: هو الذي يقدر دائماً على إنجاب الرجال العظماء.
إن الرجل العظيم: هو الذي يبني وطناً متفوقاً بنضج إنسانه، وبجهده، وبعمله، وبتطور أدائه وفكره.. والتصدي للخوف، وللباطل: إنتصاراً للحق، وللعدل.
* * *
ـ يا أيها ((الوطن))/ العشق:
هكذا تضيء كل لحظة.. فيولد تاريخ أبيض يقوم على هذه القواعد:
ـ أن يكون لنا موقف.. نُكرِّس به استقلال هذه الأرض، وحرية إنسانها، وعدالة مطالبها وقضاياها، وشرف كلمتها وفعلها.
ـ أن تكون لنا كلمة.. نتصدى بها لأقنعة الباطل، وننصر بها الحق والحقيقة، ونذود عن دين كفل لنا الكرامة، والعزة.. وغرس فينا بذور الخير والنماء.
ـ أن تكون لنا مطالب عادلة، مثل أشرعة سلام بيضاء في بحار الأحقاد، والحروب، والأطماع، واستغوال القوة الغاشمة المعربدة!
هكذا تنبجس - أيها الوطن - كل لحظة.. فتصدع بالقول الحق، وتمد على درب العالم: خطوة السلام/ الحلم.. في غمرة الأعاصير، والأهواء.
وفي هذا الثبات بالاستقرار - رغم كيد الكائدين - وبخطط التنمية المتلاحقة، وببناء الإنسان بالعلم.. نحن في دفئك: نصنع في كل يوم تاريخاً جديداً، ويشرق يوم للوطن.
ونحن نركز على: بناء الإنسان في قيمة الانتماء لك أيها الوطن.
ونحن نصرُّ على: قيمة جوهر الوطن.. وذلك بتربية الإنسان المشبّع بشعور الانتماء.
إن الهتاف لمحبة ((الوطن)): ليس شعارات، ولا عبارات إعلامية، ولا نفاقاً، ولا خوفاً، ولا إيديولوجيات.. إنما الهتاف هو: إخلاص في العمل، وتحسين للإنتاج، وتكريس للوحدة الوطنية.
والهتاف لمحبة الوطن... هو: إنطاق لعطاء القدرة الإنسانية.. جسماً سليماً، وعقلاً ناضجاً ومبدعاً، وسلوكاً قويماً راقياً.
إن المستقبل: سيكون منتظراً ما يعطيه الإنسان لوطنه.. من نصاعة الضمير، وفعل البناء، وجودة الأداء والعطاء.
إن العشق لحنان ((الوطن)).. لن يتحول في وجدان وضمير ((المواطن)) إِلى سقوط في تدجين الإنتماء.
إن هذا العشق يتصاعد، ويضيء.. ليصبح ((فعلاً)) في تقدم الوطن، وتفوقاً في وسائل إنسانه لصناعة المستقبل.
إِن الارتباط بالأرض، والإصرار على الأمل والأماني.. جميعها يكون زمناً موحداً، ويحقق خطوة للأمام، ويرسي دعائم الأمان، وينتشر إشعاعاً في الجهد والتفكير.
إِن تدجين المواطَنة في ضمير إنسان ما.. هو: أن تتراكم أزماته النفسية في أعماقه، فيسبقه زمنه، وتبتعد عنه قدرة الصعود إلى سطح الحياة.. غير أننا - لاحتواء ذلك - نفتش فوق مساحة خريطة الوطن، ونحاول أن نثبت من خلال الكائنات العاقلة والعاملة، والقادرة على امتداد هذه المساحة: كيان المجموعة الواحدة التي تصوغ - بالوحدة، والوفاق - ذلك الإنسان الجديد المطلوب لصناعة الغد، ولخدمة الوطن.
إِن ((يوم الوطن)) في تاريخ هذا الكيان الكبير في جسم واحد، متّحد، متحاب.. يتفاعل مع عمل الجماعة، وجماعية العمل!
إِن ((يوم الوطن)).. هو: تراث قومي، وإِضاءة عقائدية.. وهذا التراث العظيم قد حقق زراعة الأرض الواسعة الممتدة بالحب، وبالأواصر.
وعندما أصبح هذا الحب قاعدة شعبية لمستقبل أمة، تمتعت - منذ بدء قيام وحدة هذه الأرض - بالأمن الذي انتشر ميزة، وترسخت بتطبيق شريعة الإسلام العادلة.. فقد تطور هذا الحب ليكون بناء، وتشييداً لدعائم التنمية والرخاء.
والاحتفال بـ ((يوم الوطن)).. لم يكن مجرد ذكرى وطنية تعيد حادثة تاريخية شهدتها الجزيرة العربية.. لكنه يتبلور في معنى ((الوحدة)) التي دمجت الشمال بالجنوب، والشرق بالغرب، فكانت أبعاد هذا الدمج الجغرافي، تستشرف بإيمان: وحدة المشاعر، ووحدة الأمة الواحدة، ووحدة العقل!
وكان هذا الفعل التاريخي.. يقيم ركائز المستقبل، بهدفين:
ـ التوحيد: وهو الهدف الأول، الذي يستضيء بنبل الرسالة الدينية العظيمة.
ـ الوحدة: وهي الهدف المباشر.. الذي ينهض بقدرة الجماعة المتآلفة، المتحابة التي هي في أساسها تمثل التكوين الكلي والشامل للجزيرة العربية.
والاحتفال بـ ((يوم الوطن)).. لم ينحصر في ((وقت)) المناسبة وتكرارها كل عام، على أنها مجرد ((تذكير)) بتلك الحادثة التاريخية.. بل هو نهوض قومي، وطني، يرتقي إِلى ذلك ((الفعل)) التاريخي الذي صنع تاريخاً جديداً، والذي أقام معالم الحضارة والتطور، وبنى قاعدة التنمية، ونشر العلم والوعي، وقضى على أثافي التأخر، الممثلة في: الجهل، والفقر، والمرض!
هكذا يتلفت ((الوطن)) إِلى حقيقة انتماء المواطن!
وإِذا تحدثنا عن قدرة ((الوطن)) ذاته على التطور، والانطلاق عبر دروب التنمية والإنجاز.. فالحديث يعني: ثمرة البناء بعقل، وبسواعد أبناء الوطن.
وفي هذه المساحة الشاسعة من كياننا الكبير - الوطن - نواكب تلفُّت التاريخ نحونا، ونحن نعيش عصراً سريع الأحداث والإيقاع.. تقابله بالتوازي: سرعة التطور والنماء.. لأن هذا الواقع يشكل قيمة هذا الكيان/ الوطن، من مقومات الكيان المتماسك، وهذا البناء.
والبناء في فلسفته.. له تفسير أشمل وأضخم، وهو: المزيد من الإنتاج بالكثير من العمل.. فلا يمكن أن تتوقف حركة التنمية عن طموحاتها، بل إِن طموحات الإنسان الجديد ترتقي بقدرات، وبإِرادة جهده وعمله.. نحو فعل التطور والإِنتاج.
إِن كيان ((الدولة)) المتماسك بقيمة وفعل ((الوحدة)).. هو حارس هذه الوحدة، وهو الذي يُنمِّي الثروة العقلية الناضجة، والواعية، والمؤتلفة.. قبل الثروة المادية!!
إِن (الإنسان) في هذه المقومات، وبثروته العقلية، وبحرصه على معنى وقيمة الوحدة.. يتشكل قيمة عظيمة، نستنبط منها المميزات، وهذا التمدُّد في مساحة الوطن، وفي مساقات التطور والإنجاز!
إِنها حركة التاريخ.. وهو يتجدد، ويتألق بمتانة وصلابة ((وحدة)) الكيان التي ينبغي أن نشدد عليها، ونرعاها!
ومع مسيرة التاريخ.. تمخضت ولادات عديدة من الإنجازات، والإيجابيات.
* * *
ـ أيها ((الوطن)) الأمجد:
إِن هذا الإنتماء لك.. هو عشق يتحدث عن الأبعاد التاريخية، وعن عمق الفعل التاريخي، وعن نجاح هاجس ((الوحدة)).
لقد قيل: ((إِنّ ساعة واحدة حافلة بالأمجاد.. تساوي عصراً بكامله: عاطلاً عن المجد))!!
أيها ((الوطن)) الأغلى: أنت المجد.. أنت العشق.. أنت الأمان.. فالروح لك.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1508  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 526 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.