شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بلد العقاد والسدّ العالي
أسوانُ يا بلدَ العقاد والسَدِّ
كلاهما ذُروة في الجِّدِّ، والكدِّ
إحداهما ذروة الأمجاد يصنعها
وعي الشعوب، وأخرى.. صنعة الفرد
كلاهما.. مضرب الأمثال، رائعة
في صنعة المجد، عن وعي، وعن عمد
في صورتين.. هما العقاد في بشر
والسدُّ في عمل بالحق مُعْتَدِّ
كلاهما.. مورد عذب وسَقْيُ جنَىً
أكرم بهذين من سقْيٍ ومن وِرْد
كلاهما.. قد جرت - في الناس - سيرتُه
أعجوبةً لكفاح غير ذي حدِّ
كلاهما.. خالد - عبر الحياة - على
مَرّ العصور وعمرٌ جدُّ مُمْتَد
كلاهما.. صار في تاريخنا علماً
لن يُغْمَط الحقَّ، عند السَّرْد والعدّ
كلاهما.. فلتة عَزَّتْ نظائرها
على الزمان، التقاءَ الجِدِّ بالجَدّ
ومنهما.. لكِ بُرْدُ اليومِ تلبسه
بنتُ الحضارة، والإنسانُ في المهد
سليلةَ المجد، يا أسوانُ، ما خلعت
برداً، وقد لبست برداً على البرد
فهل نعزيك في العقاد؟ لا.. أبداً
أنا نراه تخطّى الموت للخلد
ما مات مَنْ كان كالعقاد مدرسةً
للناس تُقْصد من وُلْدٍ إلى وَلْد
ما مات مَنْ كان كالعقاد ظاهرةً
للعصر تُفْصِح عن حال وعن جهد
ما مات مَنْ كان كالعقاد مَأذَنَة
للفكر، عاليةً في القرب، والبعد
تعنو الرؤوس له حباً، وتكرُمَةً
في حالة الوصل، أو في حالة الصَّد
يُضفي عليه رداءً من مهابته
حتى على الصمت في الأقفاص كالأسد
قد عاش - ما عاش - لا يرجو ليوم غد
زاداً سوى العلم، إلا مِسْكَةَ الزُّهد
وكل عُدّته للعلم.. موهبةٌ
عصماءَ أصقلها بالجهد والعِنْد
ما قال لا علم لي في مرَّة أبداً
إلا ليبلغ ما لم يدر بِالسُّهد
خلا المكانُ الذي قد كان صَوْمعة
من راهب الفكر والإيمان والجِدّ
لسوف تذكره الأجيال ما افتقدت
مكانَه بينها - في الناس - بالضِّد
ويحمدون له - من بعد - ما بخلوا
عليه، فيه، بحق الشكر والحمد
فهل نعزيك، يا أسوان، في رجل
في الغيب يُجْفِلُ آلافاً من الشُّهْد
وهل نعزيك، يا أسوان، في رجلٍ
ما مات بل هو في التاريخ كالطَّوْد
قَلَّ النديدُ له في كل طائفة
من الزمان وما في الجيل من نِدِّ
إذا عددنا ابن حزم في نوابغنا
والجاحظ الفذُّ فالعقاد من بعد
ضمي إليك رفات الشيخ واحتضني
فالروح خالدة والجسم في اللَّحْد
وأكرمي فيك مثواه ومرقدَه
واستقبلي الوُدَّ منه فيك بالوُدِّ
ضعي الزهور حواليه مفوَّحة
وطيبي الدارَ والآفاق بالنَدِّ
لا تذرفي الدمع في الذكرى وتنتحبي
السيف في الكفّ نفسُ السيف في الغِمْد
وفاخري بابنك البرِّ الديارَ فما
أقلّ أمثاله، في الوَهْد والنَّجْد
وطوِّفي كلّ من وافاك دارتَه
حقٌ عليك كما طَوّفْتِ بالسَدّ
حقٌ على كل قلب فيك فالتزمي
عهدَ الوفاء، كما أوفاك بالعهد
وعلِّمي الناس معنى الحب في رجل
أخلاقُه الشمُّ فوق الجَزْرِ والمدّ
لم يخش في الحق لوم اللائمين، ولا
ضحّى به تحت وطء الشَدِّ والوعد
قد عاش في قِمَّة العلياء منتصباً
ولم ينل سُدَّة العلياء ذو شَدِّ
من جاء (أسوانَ) لم يحفل بزورته
فلا عساه (لأسوان) بمُرْتَدِّ
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1085  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 872 من 1288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء التاسع - رسائل تحية وإشادة بالإصدارات: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج