شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حديث عن منهجية المستشرقين
ـ في حوار شامل أجرته مجلة الحوادث في عددها الصادر بتاريخ 1 ديسمبر 1988م، تحدث الدكتور كامل مصطفى الشيبي عن الثقافة العربية والفكر الإِسلامي، حديثاً تاريخياً تعرض فيه لأهم التيارات التي تأثرت بها هذه الثقافة ومن بينها التيار الاستشراقي، وصوَّر - من وجهة نظره - دور هذا التيار قائلاً: ((إن مما يؤسف له أن هذه الثقافة التي نعرفها، وهذه المخطوطات التي نعرفها هي في غالبها من تحقيق المستشرقين، مع الأسف، المستشرقون هم الذين بحثوا في القرآن الكريم، هم الذين بحثوا في التفسير، هم الذين فهرسوا الحديث، هم الذين نشروا كتب الجغرافيا، هم الذين حققوا الكتب التاريخية العظيمة كتاريخ ابن خلدون، هم الذين نشروا الكتب الفلكية العربية، هم الذين نشروا سائر الكتب الفلسفية.
ـ وكنت أتطلع من الكاتب الكريم الذي كان حديثه عن المستشرقين ودورهم في نشر ثقافتنا حديثاً تغلب عليه العاطفة ويحدوه الحماس كنت أتطلع أن أجد بعد ذلك تصوراً علمياً لحقيقة البواعث التي انطلق منها المستشرقون في التنقيب عن تراثنا، وأثر تلك البواعث على مناهج البحث عندهم، ثم النتائج السلبية التي تركتها تلك الأعمال في الفكرين الإِسلامي والعربي.
ـ لقد تكوّنت في أوروبا خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين صورة مشوّهة عن الإِسلام استمدت موادها الأولية من مصادر تاريخية بيزنطية شرقية، وأسبانية، ولاتينية، ويذكر الكاتب الأوروبي Norman Danial ((نورمان دانيال)) في كتابه: (Islam And The West). ((الإسلام والغرب)) ، أنه ((رغم المحاولات الجدية التي بذلها بعض الباحثين في العصور الحديثة للتحرر من المواقف التقليدية للكتّاب المسيحيين من الإِسلام، فإنهم لم يتمكنوا من أن يتجردوا كلياً عنها كما قد يتوهمون)).
ـ ربما تجرد بعض المستشرقين من مسيحيته عند البحث في نواحٍ علمية أخرى، إلا أن هذا لا ينطبق على دراساتهم في الفكر الإِسلامي أو عن الشخصيات الإِسلامية، ولهذا فلا غرابة أن نجد الشاعر الإِيطالي المشهور ((دانتي)) ((1265 - 1321هـ)) يصوّر شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - تصويراً نربأ عن ذكره هنا، وهو الموقف العدئي - نفسه - الذي وقفه الكاتب الفرنسي ((دنيس ديدرو)) ((1713 - 1784م)) ولا يقل موقف ((فولتير)) 1694 - 1778م، سوءاً عن موقف نظيريه السابقين.
ـ ولئن ادعى البعض أن تغيراً جزئياً طرأ على الدراسات التي قام بها مستشرقو القرنين التاسع عشر والعشرين، في تاريخ الإِسلام، وحضارته، وأصول عقائده، فهو تغيير حتمته المصالح مع بقاء الصورة الكلية المشوّهة عن الإسلام وأهله كما كانت في العصور السابقة، كما انضم إلى العامل الديني عامل سياسي ظهر نتيجة للصلات الاقتصادية، وخطط التوسع الاقتصادي التي ظهرت في أوروبا ولهذا فليس من المستغرب أن ينتقل المستشرق الهولندي ((سنوك هيرغر ونج)) 1857 - 1936م، مباشرة من دراسته للإِسلام ليشغل منصب مستشار للحكومة الهولندية في الشؤون الإِدارية لمستعمراته الأندونيسية المسلمة، كما كان ((لويس ماسينيون)) 1883 - 1962م، يستشار على صعيد واسع من قبل الإِدارات الاستعمارية كخبير بالقضايا الإِسلامية.
ـ إن هدف الدراسات الاستشراقية هو إيجاد جيل يتنكر لتراث أمته وأصالتها، ويتنصل من تاريخه ويزدريه، ليكون - دون وعي - أداة طيعة في يد أعداء هذه الأمة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :890  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 213 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

ترجمة حياة محمد حسن فقي

[السنوات الأولى: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج